تأثير عوامل البيئة التسويقية الجزئية على المتبرع والمنظمات الخيرية


أ - تأثيرات طبيعة المنظمات الخيرية.
المقصود ببيئة المنظمة هي: العناصر والأنظمة والأفراد التي توجد في داخل المؤسسة بالإضافة للأنظمة والسياسات التي تعتمد عليها المنظمة في استخدام مواردها المتاحة.
وهي قلب نظام التسويق في أي منظمة وأن كل البيئات الأخرى تؤثر عليها لتؤثر هي بدورها على عملية التسويق، كما أن نجاح التسويق في أي منظمة يرتبط بكفاءة بيئة المنظمة الداخلية وكفاءتها في التعامل مع البيئة الخارجية.
إن المؤسسات والمنظمات العاملة في التسويق غير قادرة على القيام بمهمتها ما لم يكن هناك تناغم وعمل جماعي منظم بروح الفريق بين إداراتها المختلفة وارتباط جيد فيما بينها.
والعوامل المؤثرة في بيئة المنظمة كثيرة ومتشابكة مع بعضها ومتشابكة مع البيئة الخارجية ويصعب فصلها فصلاً تاماً عن بعضها بعضاً، وهي بمجموعها تشكل اتجاهات الناس ومشاعرهم وتعمل على تشجيع الناس وتحفيزهم ليؤدوا أعمالهم بالشكل الصحيح، في حين أن البيئة السيئة تساهم في إحباط الناس وتثبيط عزائمهم.
ومن الأمور التي تشكل البيئة التسويقية الداخلية للمنظمة:
1- حجم المنظمة وتاريخها.
2- قيم المديرين.
3- العناصر البشرية المتخصصة ونوعيتها ودرجة كفايتها.
4- الإمكانات المادية المتاحة.
5- التنظيم والنظام.
6- درجة التطور التكنولوجي.
7- نظام المعلومات والاتصالات.
هذه الأمور كلها تترابط وتتداخل مع الإدارات الموجودة لتشكل بمجموعها المنظمة التي نتحدث عن تأثيرها على تسويق المشاريع، ويمكن تصوير ذلك بالشكل التالي:
وتأثير بيئة المنظمة الداخلية على التسويق متشابه في المنظمات الربحية وغير الربحية إلا أنه في المنظمات غير الربحية والخيرية بصفة خاصة له بعض الخصائص الخاصة التي تعطي قوة لبعض العناصر أكثر من غيرها، ولذا فسوف نقوم بدراسة أهمها من وجهة نظرنا، ومنها:
1- رؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها:
إن أفضل الهيئات التي لا تبغي الربح تخصص جانباً كبيراً من التفكير لتحديد رسالات الهيئات، وهي تتفادى العبارات الرنانة المليئة بالنوايا الطيبة وتركز بدلاً من ذلك على الأغراض التي لها مضامين واضحة للعمل الذي يؤديه أعضاؤها.
لأن الرسالة الجيدة لا تقدم تذكيراً دائماً بالحاجة إلى البحث - خارج المؤسسة- عن زبائن فحسب بل للبحث أيضاً عن معايير للنجاح، إن الإغراء بإقناع النفس بصلاح قضيتنا واستبدال النتائج بالنوايا الطيبة يوجد كثيراً في المؤسسات التي لا تبغي الربح، ومن أجل ذلك تعلمت الهيئات الناجحة التي لا تبغي الربح والتي تؤدي دورها في أن تحدد بوضوح التغيرات الموجودة خارج المؤسسة وتشكل نتائجا ما وتركز عليها.
فالرؤية هي صورة المستقبل المنشود، وهي تسعى لتستلهم وتلهم وتضيء رحلة المنظمة كما تساعد على ترسيخ الانتماء والالتزام، ومجلس الإدارة بصفته المدافع عن رؤية المنظمة عليه التأكيد على أن عبارات الرؤية ليست مجرد كلمات إلهام منمقة، بل عليه التأكد من أن الاستراتيجيات تأخذ مكانها المناسب لتنفذ كل عنصر من هذه الرؤية وترقب درجة كفاءته.
ويجب أن تتضمن رسالة المنظمة الأهداف التي تسعى لتحقيقها والطرق التي تستخدمها والفئة الأساسية التي تخدمها في المجتمع، كما يجب أن تتضمن الخصائص التي تجعل منها كياناً متميزاً، والأسباب التي تدعو الأفراد والمؤسسات والشركات إلى دعمها مالياً.
وتأثير رسالة المؤسسة ورؤيتها وأهدافها على العلاقة التفاعلية بين المتبرع والمنظمة الخيرية في تسويق المشاريع الخيرية واضح وكبير في عدة مجالات تسويقية مهمة جداً بل في جميع المجالات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ما يلي:
أولاً: تأثيره على العاملين في التسويق وغيرهم:
فالعاملون في التسويق بحاجة إلى الشعور بأن المنظمة التي يعملون فيها تعمل من أجل شيء مهم، فهم يميلون إلى الاعتقاد بأن عملهم لمدة أربعين ساعة في الأسبوع - أو أكثر - أمر له أهميته، ولن تستطيع أن تشحذ همم العاملين أو تحصل على دعمهم وتأييدهم إلا إذا كانت المنظمة التي ينتمون إليها تحمل روحاً نابضة بالحياة ، هذه القوة الذاتية من الداخل تعني القدرة على تحقيق الأهداف ومنها ينعكس التواضع والصبر والتعاطف والشجاعة وتأكيد الذات، وكثيراً ما يتخوف أعضاء مجلس الإدارة من أن يصيغ الأهداف غيرهم، إذ ما الذي يضمن لهم أن الأهداف والرؤى التي سيصلون إليها متفقة مع تلك التي يريدها مجلس الإدارة وهي وجهة نظر جديرة بالاحترام، فإن أمكن ذلك فبها ونعمت، وإلا وضع مجلس الإدارة الرؤية البعيدة المدى ويكون دور العمال تحديد الطريقة التي يمكن بها تحويل الرؤية إلى واقع.
ثانياً: مجالات العمل:
فبناء على الرسالة أو الرؤية التي من أجلها أنشئت المنظمة يتحدد المجال الذي ستعمل فيه، وهذا يعني إمكانية تحديد السوق الذي تستهدفه في تسويق المشاريع الخيرية، حيث إنه لكل مجال من مجالات الأعمال الخيرية سوقه الخاص، وإن كان هناك سوق مشتركة أحياناً، وبهذا تبعد المنظمة عن التخبط العشوائي كل يوم في مجال ما أو مكان معين.
ثالثاً: التماسك والتناسق:
فلا تتماسك ولا تتنناسق المنظمة بدون وضوح في الرؤية، بل ربما أصبحت لها أهداف متضاربة متعاكسة، وربما تشققت أو تفتت المنظمة إلى منظمات صغيرة بدون ترتيب أو دراسة، ولذا فإن الإدارة بالأهداف الواضحة تحقق الترابط بين مستويات الأداء الثلاثة:
- الفرد أو جماعة الأفراد.
- مستوى التقسيم التنظيمي.
- مستوى المنظمة.
رابعاً: استراتيجيات وأنظمة وإدارة المنظمة بصفة عامة:
لأن الرؤية تعكس مجلس الإدارة الذي بدوره يعكس جميع النظم والأساليب الإدارية التي تقوم بها المنشأة. ولذا ينبغي أن تكون خطة جمع الأموال خطة فرعية من خطة طويلة المدى أو الخطة الإستراتيجية للمؤسسة.ومتى ما انفصلت عن الرسالة والرؤية فقد تسوق ما لا نحتاج له أو ما لا نريده أو نجد أنفسنا بلا استراتيجية للتسويق فيه أصلاً، ويعتبر تحديد رسالة المنظمة المرحلة الأولى من استراتيجية التسويق بل والمرحلة الأولى في جميع الأعمال التي تقوم بها المنظمات والأعمال والأفراد، فنحن بحاجة أكبر إلى رؤيا وهدف وبوصلة وفي حاجة أقل إلى خريطة الطريق، إن الفاعلية وحتى البقاء نفسه لا يعتمدان على ما نبذله من جهد كبير ولكن على ما إذا كان الجهد يسير في الطريق الصحيح ولذا فإن توفير قدر كبير من الوضوح في أذهان جميع العاملين في المنظمة لا قياداتها فقط حول الأمور التي نريد الوصول إليها، وكيفية الوصول الممكنة مهمة استراتيجية لأي منظمة ترغب في البقاء والاستمرار.
2 - ثقافة المنظمة وقيمها:
ما الثقافة ؟!
لم تنل كلمة في العصر الحديث من التداول ما نالت كلمة الثقافة نظراً للأهمية المتزايدة التي منحناها إياها من خلال جعلها القاعدة الأساسية لتشكيل وعينا بذاتنا وبالعالم، إن الثقافة هي التي تترجم نظرة أصحابها إلى الكون والحياة والإنسان، وقد استعرض كروبير وكلاكهوف ما يزيد على مائة وستين تعريفاً ومنها تعريف تايلور، وهو:" ذلك الكل المركب من المعارف والعقائد والفن والأخلاق والقانون والأعراف وكل ما اكتسبه الإنسان باعتباره عضواً في مجتمع ما ".
كما يمكننا القول بأن الثقافة: هي مجموع متفاعل من السمات العامة التي تؤثر على استجابة جماعة إنسانية بنفس الطريقة التي تحدد الشخصية من خلالها هوية فرد ما، أو هي: نظام المعتقدات والقيم التي يسود الإيمان بهما داخلها والتي ترشد وتهدي سلوك الأعضاء العاملين داخلها.
ويمكن القول أيضاً: إن الثقافة بمعناها الواسع تشمل جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها مثل نظم القيم والتقاليد والعادات ومثل الحقوق الأساسية إلى جانب الفنون والآداب وطرائق العيش.
ويبقى الفهم الكامل للثقافة مرتبط بمدخل دراستها سواءً كان تاريخياً أو نفسياً أو اجتماعياً أو تربوياً أو إدارياً أو غير ذلك.
ولثقافة المنظمة آثارها على تفاعلات أفرادها اليومية مع الأحداث والأفكار والبرامج، كما أن لها تأثيراً على التسويق لدى المنظمة، سواءً كانت المنظمة ربحية أو خيرية، وإن كان تأثير ذلك في المنظمات الخيرية أكبر إذ يبقى أنها منظمة تقوم في جانب كبير منها أياً كان مجالها على قضية ثقافية تجمع المؤسسين وتدفعهم إلى إنشاء هذه المنظمة الخيرية.
وهناك سلوكيات تعطي مؤشرات على ثقافات معينة وتعزز وجودها في أي منشأة منها:
1- كيفية استجابة القائد للأزمات والأحداث الحرجة.
2- المعايير التي يضعها القائد لتحديد نوعية الجزاء (الثواب والعقاب)
3- المجالات التي يوليها القائد اهتماماً أكثر عند القياس والمراقبة.
4- المعايير التي يضعها القائد للتوظيف والاختيار والترقية والتقاعد والفصل ونحو ذلك.
5- الدور الذي يلعبه القائد تجاه الآخرين من خلال طرح وتبني سلوكيات معينة، أو حتى من خلال تدريب أو تعليم بعض التابعين لسلوكيات وأفكار معينة.
ولذا فإن علاج كثير من مشاكل المنظمات يكمن في تعديل ثقافتها وتعديل كل ما من شأنه أن يعزز إلغاء وطرد الثقافات السيئة وتأكيد كل ما من شأنه أن يعزز الثقافات المطلوبة.
وبالنظر في ثقافات المنظمات الخيرية نجد أنها تتشكل - غالباً - مما يلي:
أ- ثقافة المجتمع الذي تعمل فيه، فثقافة المنظمة هي ما يشارك به أفراد المؤسسة بينما الثقافة الوطنية هي ما يشارك به المواطنون في الوطن، وثقافة المنظمة هي جزء لا يتجزأ من ثقافة المجتمع أو المجتمعات التي تعيش وتوجد فيها المنظمات، وتؤثر الثقافة الوطنية في ثقافات المنظمات الموجودة فيها وتؤثر ثقافات المنظمات في الثقافة الوطنية إذا كانت المنظمة كبيرة أو كان عدد المنظمات كثيراً.
ب- الأنظمة واللوائح والإجراءات والقوانين التي تطبق في المنظمة تشكل ثقافة المنظمة، كما أنها هي أيضاً تتشكل بثقافة المنظمة   ومن هذه اللوائح:
- اللائحة الإدارية.
- اللائحة المالية.
- لائحة شؤون الموظفين.
- لائحة المشتريات.
- لائحة المستودعات.
ج- التوجه الفكري الذي على ضوئه يتم اختيار العاملين وترقيتهم وتقوم المنظمة على أساسه.
د- الشعارات التي تعبر عن التوجه الفكري وتعتبر شعارا للمنظمة، وتبنيها يعتبر تبنيا للمنظمة، بغض النظر عن كونها مكتوبة أم غير مكتوبة، وغالباً ما تظهر في الأحاديث اليومية وفي الاجتماعات.
هـ- المشائخ والوجهاء والرموز الذين يعتبرون مراجع وقادة غير رسميين للمنظمة واهتماماتهم ويشكلون المصادر التي ينتقي منها الشخص بعض أنماط سلوكه من خلال قبولها أو رفضها لأنماط الأعضاء.
و- قصص وحكايات بطولات مجلس الإدارة أو الرئيس أو غيرهم من العاملين أثناء التأسيس خاصة وبعد ذلك عامة.
ي-الحفلات والمناسبات المختلفة وطريقة التعامل معها.
ونستعرض فيما يلي بعض آثار ثقافة المنظمة على المنظمات الخيرية وعلى التفاعل بين المنظمة والمتبرع في تسويق المشاريع فيها:
1- كل ما ذكر في آثار رسالة ورؤية المنظمة، حيث أن ثقافة المنظمة هي أحد نتائج رسالة ورؤية المنظمة، كما أنها أنعم شيء يحيط بجميع العاملين وهي أصلب شيء يحيط بهم وهي من أهم ممارسات المنظمات المتميزة.
2- تأثيرها على العلاقات الاجتماعية داخل التنظيم في المنظمة.
3- تأثيرها على الجماعات غير الرسمية داخل المنظمة، وهو أحد التنظيمات المهمة جداً في جميع المنظمات وفي العمل الخيري خاصة.
4- تأثيرها على طبيعة التعامل مع الأنظمة والقوانين والأوامر.
5- تأثيرها على تضحية العاملين وبذلهم وتنافسهم، الذين هم أكبر رأس مال للمنظمات الخيرية وقيامها وبقاؤها واستمرارها منوط بمقدار حماس العاملين للمنظمة سواءً كانوا موظفين أو متطوعين.
6- تأثيرها على مستوى العمليات جودتها ودقتها وسرعتها في المنظمة، فارتباط الأداء التنظيمي بالثقافة التنظيمية قوي للغاية ، وارتباطهما بمستوى أداء العمليات واضح أيضاً.
وبقي أن نقول: إن التغيير الثقافي داخل المنظمات من الأمور التي لا تعطي اهتماماً على مستوى المنظمات الخيرية أو غيرها، وإن كانت من أهم عناصر التغيير والتطوير في أي منظمة، ولا يتم عادة التغيير الثقافي للمؤسسة الذي بني على مر أزمنة طويلة إلا بجهد منظم من مجلس إدارة الجمعية أو بأساليب نقل الثقافة عن طريق تأثير حملة الثقافة الذين قد يأتون من خارج المنظمة.
3 – هيكلة الإدارات الموجودة وطرق اتصالها:
تشكيل الإدارات وهيكلها في أي منظمة يؤثر على سير عملياته، وعلى سلاسة الاتصال فيها، بل وعلى سلوك الأفراد العاملين وأدائهم الوظيفي سواءاً كانوا أفراداً أو جماعات.
فتشكيل الإدارات ينطلق من الهدف الذي من أجله أنشئت المنظمة، كما أنه يعكس سياساتها وتوجهاتها ويعبر عن طموحاتها وطريقتها في العمل، كما يوضح توزيع السلطة والمسئولية بين أفرادها.
وباستعراض هياكل بعض المنظمات الخيرية، يمكن ملاحظة ما يلي:
1- وجود البيروقراطية في بعض المنظمات ويمكن ملاحظتها من خلال تقسيم العمل بطريقة واضحة والتسلسل الهرمي للسلطة، و وجود قوانين وإجراءات رسمية والتزام الموضوعية عند اتخاذ القرار.
2- يغلب على المنظمات الخيرية في توزيع السلطات على العاملين اتباع المركزية،وتوجد هذه المركزية حتى في المنظمات التي لا تعتمد على هيكل هرمي ولكن بشكل غير واضح.
3- يغلب على هذه المنظمات تداخل السلطة وعدم وجود حدود واضحة بين صلاحيات المجالس والأفراد وتدخل كل لجنة أو قسم في صلاحيات الآخر، وهذا قد يؤدي إلى التنازع في بعض القضايا، ولكنه يؤدي إلى تقوية المؤسسة الخيرية أكثر مما ينتهي بها إلى الانقسام كما يرى بعض الباحثين.
4- في الكثير من المنظمات الخيرية لا يوجد هيكل متفق عليه أو لديها هيكل ناقص، فقد تجد أن قسماً أو إدارة موجودة ومع ذلك ليست موجودة في الهيكل.
5- يتم التغيير في الهياكل على فترات متباعدة جداً مع أن المنظمات الخيرية أكثر المنظمات تأثراً بالتغيرات السريعة في البيئة الداخلية والخارجية لها، فالمرونة والتكيف ضروريان حتى تستطيع المنظمات البقاء، والهيكل التنظيمي الذي كان ملائماً في مرحلة سابقة قد يصبح عائقاً في سبيل الإنتاجية في مرحلة لاحقة.
6- كثيراً ما تنتزع السلطة في المنظمات الخيرية بالقوة أكثر مما تمنح بالنظام، سواءً كان بقوة المال أو بقوة الوجاهة أو الحجة أو غير ذلك، وهذا قد يكون ليس خاصاً بالمنظمات الخيرية ولكنه يكثر فيها نظراً لتجرد العاملين فيها وانشغال المتطوعين فيها.
7- يتم إعداد الهياكل غالباً بدون استشارة متخصصين أو عارفين، بل كثيراً ما تتشكل الهياكل ثم توضع في نظام ولعل هذه تعتبر - أحياناً - ميزة وليست عيباً.
ويهمنا في المقام الأول الجانب التسويقي في هياكل المنظمات الخيرية ويلاحظ عليه ما يلي:
1) بعض المنظمات تضع تسويق المشاريع الخيرية من مهام إدارة منفصلة ومستقلة، وبعضها توزع هذه المهمة على الأقسام، وهو الغالب في المنظمات الخيرية، ففي دراسة على المنظمات الخيرية في المملكة العربية السعودية وجد أن 24% من المنظمات يوجد بها إدارة تسويق مع أن الاستبانة كانت بسؤالهم لا برؤيتها واقعاً.
2) لا يوجد في بعض المنظمات ما يدل على الجهات أو الأفراد المسئولين عن التسويق.
3) هناك تداخل في الجهات التي فيها هياكل واضحة على الأقل بالنسبة لتسويق المشاريع، وهذا لا بد منه بين الإدارة التنفيذية أو المدير التنفيذي ومجلس إدارة المنظمة الرئيسي أو مجلس الأمناء.
4) لا يشترط التوصيف الوظيفي لهيكل المنظمة - إن وجد - أن يكون شاغر وظيفة التسويق تخصصه تسويق، بل يندر وجود ذلك جداً.
5) نادراً ما يستوعب المسوقين الحاجة إلى تقدير نقاط الضعف التنظيمية الداخلية، ويعتقد الكثير منهم أن المصادر دائماً متوفرة للتغلب على أي مشكلة.
نتج مما سبق، ما يلي:
1) التفاوت الشديد في مستوى التسويق بين المنظمات الخيرية مع بعضها البعض.
2) التخبط في المنظمات التي لم تضع التسويق في هياكلها، حتى ولو ازدهرت في فترة وجود مدير قوي مثلاً لفترة من الزمن.
3) نمو وازدهار المنظمات التي تعطي التسويق عناية خاصة إذا يسر الله للإدارة أو المجلس أفراد أكفاء.
4- المنظمات التي تكون هيكلتها موجهة نحو المتبرعين والمتطوعين أكثر قدرة على التسويق من غيرها.
5) المنظمات التي تعتمد في تمويلها على رجل الشارع تكون تكلفة تسويقها أكثر لكنه أكثر أمناً، والمنظمات التي تعتمد في تبرعاتها على الاستهداف أقل كلفة وأكثر خطراً، أما المنظمات التي تستخدم الطريقتين فهي الأكفأ، ويظهر توجه المنظمة لذلك أو ذاك من خلال هياكل إدارات أقسام التسويق في المنظمات.
4 - حجم المنظمة:
حجم المنظمة هو مجموعة العناصر المعبرة عن مكوناتها الأساسية ونشاطاتها الرئيسية: مثل عدد الأعضاء (العاملين)، حجم العمل وكثافته، حجم الموجودات، الهيكل التنظيمي، ويلعب حجم المنظمة دوراً رئيسياً في التأثير على فعالية المنظمة إيجاباً وسلباً.
ويعتبر عدد العمال أكثر مقاييس الحجم شيوعاً، فعندما يزداد عدد الموظفين فإن المنظمات تتغير في الهيكل والسلوك، وعلى الرغم من ذلك فليس لعدد الموظفين تأثير في حد ذاته، بل توجد منظمات لا يعمل فيها إلا عدد قليل من الموظفين لكنها تتمتع بكل صفات المنظمات الضخمة، وعلى العكس من ذلك، توجد منظمات عدد موظفيها كثر وتكون منظمة صغيرة بالنسبة لكل النواحي الأخرى وخاصة بالنسبة لمتطلبات الإدارة والسلوك ، وعموماً هناك أربعة مفاهيم استخدمت لقياس الحجم هي:
1- الطاقة المادية للمنظمة.
2- عدد العاملين بالمنظمة.
3- المدخلات أو المخرجات التنظيمية، مثل عدد المشاريع.
4- ما تملكه المنظمة من موارد.
وفيما يلي نورد التأثيرات الإيجابية والسلبية للحجم، وهي:
أولاً: تأثيرات الحجم الكبير السلبية:
1- تعقد النظام الإداري: هياكل كبيرة معقدة، وانسياب صعب للاتصالات الإدارية وللإشراف والمتابعة والرقابة، فكلما زاد حجم المنظمة زاد الهيكل التنظيمي ونما ،كما أثبت ذلك في دراسات كثيرة من أهمها " دراسات استون " في جامعة استون.
2- تعقد العلاقات العمالية: وهو نتيجة لتعقد النظام الإداري، ويظهر بشكل أقوى إذا صاحب تعقد النظام الإداري غياب روح الفريق وبرامج رعاية الموظفين الاجتماعية والنفسية.
وهكذا تصبح المنظمة عملاقاً كسولاً متهالكاً، ذات قصورٍ ذات كبيرٍ في الحركة وتغيير الاتجاه.
ثانياً: وفورات ومزايا الحجم الكبير:
1- وفورات كمية عناصر الانتاج: فإذا تضاعف العمل لا تحتاج المنظمة لضعف اليد العاملة أو الطاقة.
2- التخصص: فزيادة حجم المنظمة تؤدي إلى كثرة العمليات فيها مما يساعد على التخصص وجذب العمالة المتخصصة.
3- وفورات تسويقية: فالشراء بكميات كبيرة يمنح فرص للحصول على خصومات وأسعار أقل من الموردين، كما يعين على عقد اتفاقات أفضل مع الموزعين أو الوكلاء.
4- وفورات تمويلية: فيمكن أن يحصل على قروض أكبر وبشروط أفضل، وذلك بضمان أصوله الأكبر.
5- وفورات التعلم والخبرة: فيصبح إعطاء الدورات وعقد الندوات المخصصة أيسر، كما أن وجود خبرات كبيرة يساعد على استفادتها من بعضها البعض.
وتظهر آثار حجم المنظمة في المنظمات الخيرية بوضوح أكثر من غيرها لسببين هما:
6- سرعة نمو المنظمات الخيرية: ولكونها يكثر فيها المتطوعون وتعتمد في عملها على جزء كبير منهم، وهم لا يتحملون التعقيدات الإدارية ولا يلتزمون إلا بما يقتنعون به.
7- قلة المتخصصين: في المجال الإداري في المديرين التنفيذيين للمؤسسات الخيرية مما يعني عدم شعورهم بالمشكلة أو تفهمها، وذلك في ظل غياب أو ضعف مجالس الإدارة فيها.
ويمكن ملاحظة أثر حجم المنظمة في المنظمات الخيرية عليها، مما يلي:
أ: المنظمات الصغيرة:
1- تعمل في مجال واحد أو اثنين - غالباً -.
2- رسالة المنظمة واضحة، وأفراد المنظمة يحملون ويتبنون رسالة المنظمة بقوة.
3- ليس هناك فصل واضح بين أعمال مجلس الإدارة والأعمال التنفيذية اليومية، ولذا يكون الرئيس في كثير من الأحيان هو المدير التنفيذي !.
4- تتضح فيها المركزية في اتخاذ القرار أكبر من غيرها.
5- ليس هناك أنظمة واضحة أو مكتوبة، كما أنه ليس هناك سلطات أو وصف وظيفي مقيد.
6- روح الفريق فيها أكبر والتماسك بين أفرادها قوي جداً، كما أن العلاقات الاجتماعية بين الأفراد واضحة.
7- سرعة حركتها وتفاعلها مع المستفيدين المقربين ومع المتبرعين ومع المتطوعين أكبر.
ب: المنظمات الخيرية الكبيرة الحجم:
1- تعمل - غالباً - في جميع المجالات.
2- يوجد تناقضات داخلية في رسالة المنظمة وثقافتها، وتطفح نقاشات واسعة حول رسالة المنظمة وقيمها الثقافية.
3- تميل إلى التخصص الداخلي، وتفويض الصلاحيات لأصحاب التخصص مما قد يشكل تعارضا بين مجلس الإدارة واللجان المتخصصة، أو بين مجلس الإدارة والمدير التنفيذي.
4- الاهتمام بكتابة وتوثيق الأنظمة والإجراءات حتى أنهم قد يصلوا إلى الإفراط، مما قد يساعد على العودة للبيروقراطية المميتة.
5- انخفاض الروح المعنوية للعاملين وظهور الجماعات غير الرسمية بقوة ويصبح لها تأثير واسع في المنظمة.
6- بطء حركتها في الاستجابة للمتبرعين والمتطوعين، وقلة روح الابتكار والإبداع فيها واتجاهها نحو النمطية.
ومما تقدم يمكن تصوير آثار ذلك تسويقياً على المنظمات الصغيرة، بما يلي:
1- عدد المستفيدين قليل مما يعني أن المشاريع المطلوب تسويقها قليل.
2- وجود قابلية للنمو السريع ووفرة في التمويل، ويستمر ذلك حتى تصل المنظمة لحجم معين يصبح بعد ذلك الحجم الصغير مشكلة في التمويل لعدم وجود خيارات وبدائل للمتبرع، مما يعني أن تبدأ المنظمة في التوسع سواءً كان رأسياً أو أفقياً، أو تبدأ في المعاناة من مشاكل التمويل.
3- عدم وجود إدارة متخصصة لتسويق المشاريع في غالبها أو عدم وجود خطة تسويقية للمنظمة لعدم الشعور بالحاجة لذلك، وما لم تتبادرإلى مجلس الإدارة هذه النقطة فإن الجمعية على أحسن أحوالها تقف مكانها، وتبدأ في مشاكل مستعصية في إدارة أعمالها.
4- تكاليف التسويق تكون قليلة، مقارنة بالمنظمات الكبيرة، وهذا يعني أن المصاريف الإدارية أقل، وبالتالي سعر أقل للخدمة.
5- الإبداع التسويقي: وهو ينتج من عدم وجود خطة تسويقية ومن عدم تنوع الأصناف المطلوبة للتسويق فيعوض ذلك بابتكارات تسويقية.
وتظهر الآثار التسويقية على المنظمات الكبيرة بما يلي:
1- تنوع المشاريع، مما يعني سوق كبيرة واستهداف جميع شرائح المجتمع،وكذلك القدرة على استقطاب المتطوعين بجميع تخصصاتهم.
2- استجابة تسويقية أكبر لضغوط المجتمع نظراً لكبر الشريحة التي تتعامل معها المنظمة.
3- إدارة متخصصة في التسويق وتنمية الموارد المالية وخطة تسويقية متكاملة.
4- وجود أنظمة أكثر وأدوات توثيق أكثر، وتقنيات تسويقية أكثر، ومصاريف تسويقية أكبر، لكن كنسبة من تكلفة العائد أقل على المدى الطويل.
وهنا يبرز تساؤل، وهو هل يمكن الجمع بين حسنات الحجم الكبير والحجم الصغير في هذه المنظمات وما هي وسائل هذا الجمع ؟
والإجابة هي نعم، ولكن المسألة تحتاج إلى حكمة وبصيرة وإدارة محترفة، ومن وسائل الاستفادة من حسنات ووفورات الحجم الكبير والصغير في نفس الوقت:
1- توضيح رسالة المنظمة والقيام بجهد منظم من مجلس الإدارة لنشر رسالة المنظمة بين أعضائها وأعضاء المنظمة.
2- الاستخدام العالي للتقنية من أجل خفض مشكلة التعقيد الإداري وكثرة الأمور الكتابية.
3- العمل بفلسفة الشركات الصغيرة مهما اتسع نشاط ونطاق العمل، وتنمية روح الفريق في العمل، وتنمية العلاقات الاجتماعية بين الأفراد.
4- ميل مجالس الإدارة إلى المزيد من الإدارة الإشرافية العليا وقليل من الإدارة التنفيذية، ووضوح العلاقة بين مجلس الإدارة واللجان المتخصصة، وبينها وبين المدير التنفيذي.
5- ميل المدير التنفيذي للتفويض الفعال للسلطة والمسؤولية، والتأكد من تزامنهما بعضهما مع بعض في كل جزء من المنظمة.
6- تشجيع الابتكار والإبداع في جميع أجزاء الشركة وأقسامه، وتشجيع جميع العاملين عليه ومكافئة المبدع حتى لو أخطأ.
4- سمعة المنظمة وقوة اسمها:
لا يستطيع الناس أن يلاحظوا أو يعرفوا الفرق بين كثير من المنتجات! فكيف إذن يتم الاختيار بينها !؟، في اختبار لمجموعة من الناس لمذاق شركة كوكا كولا مع شراب كولا آخر وهم معصوبي الأعين لم يستطع أغلب الناس التفريق بينهما، ومع ذلك يدفع الناس بسخاء لكوكا كولا عندما يرون العلامة التجارية فقط !ويدعون أن طعم الكوكا ألذ عندما يعرفون الاسم التجاري لما يتذوقون.
وإذا نظر المتبرع أو المتطوع إلى المنظمات الخيرية لا يعرف الفرق الحقيقي بينهما - في الغالب -، فكيف إذن يختار المنظمة التي سيتبرع أو يتطوع فيها،الإجابة هي: السبب السابق نفسه !.
إذن جزء من قيمة أي منظمة ليس في مكوناتها المادية أو في خدماتها بقدر ما هو في اسمها وسمعتها ويثمن الاسم بقيمة مادية، فمثلاً قيمة العلامة التجارية لكوكا كولا يساوي 35 بليون دولار بينما لا تساوي كل مصانعها هذا الرقم.
المنظمة الخيرية ذات السمعة الحسنة تختلف عن المنظمة التي ليست معروفة بما يمكن أن نطلق عليه القيمة المضافة، ونعني به الصفات المميزة غير الملموسة التي يعتقد المتبرعون أنها مضافة لتبرعهم.
وتتمايز المنظمات في الاهتمام ببناء اسم لها في سوق التبرعات، فمن المنظمات ما يهمها هو التبرع بغظ النظر عن الاسم إلى منظمات تضع خطة لبناء اسمها على المدى الطويل، وتنفق على بناء اسمها وسمعتها لأنها توقن أن عائد الإنفاق في التسويق أكبر، وتعرف ما هي المشكلات التي ستواجهها إن هي لم تعرف بنفسها.
إن فن التسويق في المنظمات الخيرية هو بالقدر الكبير فن بناء اسم المنظمة في مجتمع المتبرعين وفي أذهانهم ، فلا يعطي المتبرع أولويته بالنسبة لما سيتبرع له لسعره، ولا يعلم عن مستوى الأداء، بل أحياناً لا يعرف كيف سينفق وفي ماذا !! ولكن الذي يعنيه بالدرجة الأولى هي الثقة فيمن أعطاه، وفي الجهة التي أعطاها، هذه الثقة هي إلى حد ما تشبه العلامة التجارية وكلما استطاعت المنظمة زيادة هذه الثقة وبناء سمعتها واسمها أكثر كلما زادت كفاءتها في التسويق وبالمثل العكس بالعكس.
ولذا كان على المنظمات أن تستخدم اسمها كأنما هو علامة تجارية، وهذا يحقق عدة أمور للمنظمة:
1- تهيئة صورة ذهنية للمنظمة تميزها عن المنظمات الأخرى.
2- تعطي خصائص مميزة لمشاريعها.
3- تساعد على كفاءة الإعلان فيحقق هدفه بتكلفة محدودة.
4- حفظ سمعة المنظمة من المنافسة غير الشريفة.
ولعل هذا من أسباب فشل المنظمات الخيرية التي تقوم على إنشائها الحكومات بقرار رسمي ولا تحظى بموافقة شعبية، وفشل المنظمات التي ليس في مجالس إدارتها وإنشائها من هو معروف في المجتمع لكي يعطي الثقة لها.
ولذا تسعى المنظمات إلى بناء اسمها وسمعتها بكثير من الوسائل والممارسات، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر:
1- القصص والأساطير التي تروى عن المؤسسين أو الرئيس وقصص الكفاح الأولى للمؤسسة، وما شابه ذلك.
2- كثرة التأكيد على بعض الشعارات في المنظمة وإظهار ذلك التأكيد للناس.
3- إظهار الجوانب الحسنة في المنظمة وإبرازها، وعدم إعلان ما قد يسيء لسمعتها.
4- تبني الأفكار التي يريد المتبرعون من المنظمة أن تتبناها حتى لو لم يكن ذلك حقيقة في رسالتها وفكر مجالسها، ولا شك أن مثل هذا العمل من أسباب السقوط على المدى الطويل مهما كانت براعة الإخفاء، فالحقيقة تظهر عاجلاً أو آجلاً.
وآثار الاسم المعروف والسمعة الحسنة أو السيئة على تسويق المشاريع الخيرية كثيرة، لأن المنظمة دائماً تكون تحت رقابة من المجتمع فهي تستمد قوتها منه، وهذه ميزة في المنظمات الخيرية تجعلها أكثر تحسباً وأكثر تعبيراً عن قيم المجتمع وأفكاره، ولكن أيضاً أكثر محاسبة ومراقبة من المجتمع بصفة عامة ومن مجتمع المنظمة بصفة خاصة، وكثير مما سيذكر في هذا البحث عن تأثر المنظمات بالبيئة قد يدخل تحت هذا المبحث.
ب-تأثير العاملين في المنظمة:
العمل الخيري يحتاج إلى جميع أفراد المجتمع رجالاً ونساءً، شيباً وشباباً، صغاراً وكباراً في دعمه مادياً ومعنوياً حتى ينمو ويكبر ويثمر مشروعات مختلفة تفيد المسلمين وتسد حاجاتهم في جميع أنحاء العالم، ومن هنا برزت أهمية العنصر البشري بكل فئاته وأنواعه واستعداداته وإمكانياته. ويمكن دراسة ذلك من عدة محاور:
1-مفهوم العاملين في العمل الخيري:
العاملون في المنظمة سواءً كانوا موظفين أو متطوعين هم (بالتعبير الاقتصادي) رأس المال البشري، و(بلغة المحاسبين) الأصول البشرية، و(بلغة الإداريين) رأس المال المعرفي التسويقي لأي منظمة، وهم الذين يصيغون ويصنعون كل عملياتها التسويقية. والعاملون في المنظمات الخيرية فئات مختلفة يمكن تمييز أهم فئتين، وهما الفئتيان اللتان يقوم عليهما العمل في أي منظمة خيرية وهما:
أ - فئة الموظفين بأجر: وهم كل شخص يشغل وظيفة معتمدة في الهيكل الوظيفي للمنظمة، بموجب درجة أو مرتبة أو عقد وظيفي، ويتقاضى مقابل ذلك راتباً معيناً.
ب - فئة المتطوعين: هم الأفراد الذين يبذلون لمجتمعهم أي جهد بدون مقابل بدافع ذاتي للإسهام في تحمل مسئولية المؤسسة التي تعمل على تقديم البرنامج الخيري.
ومع وضوح الفئتين وتميزهما عن بعضهما، إلا أن بينهما تداخلاً خفياً ناتجا عن أمرين، هما:
1- أن كثيراً ممن يتقاضون أجراً يمكن أن يعدوا متطوعين، خاصة في ظل الرواتب والحوافز القليلة المقدمة من المنظمات الخيرية، والعروض الأفضل التي تقدم لهم من جهات أخرى، ومع هذا يستمرون في المنظمة تطوعاً.
2- أن بعض المنظمات تضع في هيكلها بعض من يمكن أن يطلق عليهم متطوعون حسب التعريف السابق.
وبهذا التداخل تجد أن أساليب التعامل مع المتطوعين تتناسب أحياناً مع الموظفين، كما أن المنظمة تسعى إلى التزام من المتطوعين يساوي بل قد يفوق التزام الموظفين أحياناً.
ولا زالت إدارة الأفراد في بعض المؤسسات بمثابة مكتب للاستخدام أو للتوظيف، ولا تتعدى ذلك إلى استقطاب الأفراد الأكفاء والاستفادة القصوى من طاقاتهم وتدريبهم وإدماجهم في العمل بحيث يتبنون رسالة العمل ، أو كما يقول أحد الباحثين في الإدارة: "لعل من أكبر الأحابيل في بيئة الأعمال هي ما يقوله الكثير من المديرين التنفيذيين بغرور واضح مدعين أن منتسبينا هم أهم مورد لدينا، ويكرر هؤلاء هذه العبارة كثيراً إلا أن أفعالهم تكذب أقوالهم فليس هناك في معظم الشركات من يعتني بأمور العاملين، وما أكثر أقسام الموارد البشرية في الشركات، إلا أنها في الغالب أقسام يقوم عليها وظيفيون، تنحصر مسئولياتهم في تطبيق الإجراءات المكتبية، لضمان تنفيذها بانضباط".
2 - الموظفون بأجر:
الموظفون والعاملون هم الأساس الذي تقوم عليه أي منظمة، وقوتهم قوتها وضعفهم ضعفها، فما الهياكل ولا الأنظمة إلا لتنظيمهم، ولا الرسالة إلا ما يقتنعون به ويؤدونه، وما الإدارة إلا هم ابتداءً، لذا تحرص المنظمات الخيرية المتميزة على الاختيار الأمثل لموظفيها، وتقدم لهم مميزات توظيف أفضل، من أجل أن تحقق للمنظمة مكاسب، منها:
1- زيادة إنتاج المنظمة.
2- المحافظة على سمعة المنظمة وقدرتها على اكتساب واستقطاب الجمهور.
3- وضع الموظف المناسب في الوظيفة المناسبة يؤدي إلى الاستقرار والاستمرار في عمل المنظمة الخيرية.
4- التقليل من دوران العمل، وتسرب الموظفين الذي يكلف المنظمة أكثر مما تتخيل.
وفي مقابل ما تعطي المنظمة الموظف من اهتمام ومميزات وحوافز يعطي الموظف للمنظمة جهده وفكره ووقته بل وتضحياته وآلامه.
وهل الإدارة إلا وظيفة تتعلق بالأفراد ؟! فأفضل المديرين هم الذين يتقنون التعامل مع الأفراد بمختلف نوعياتهم ومستوياتهم.
ورضى الموظف عن منظمته -الناتج عن خدمة داخلية ممتازة داخل المنظمة الخيرية سواء كانت خدمات مادية كالرواتب والمكافآت والمكانة والتقنية المناسبة، أم خدمات معنوية كالوضوح والتقدير والمشاركة والاستقرار- هو الخطوة الأولى نحو إقامة مشاريع المنظمة وتسويق مشاريعها الخيرية، ولك أن تتصور أن منظمة لا تعطي قيمة للتوظيف والاستقرار الوظيفي هل يعقل لأي منا أن يسعى للتوظيف فيها، فكيف إذا كانت يغلب عليها الفصل الجماعي و العشوائي بدون أهداف واضحة.
فالموظفون هم الذين يقومون بأعمال المنظمة ويؤثرون فيها، سواءً كان هذا التأثير بإرادتهم أم دون إرادتهم، ولا يكفي التركيز على شخصية العامل فقط، كما يحلو لبعض المنظمات، كما لا يكفي التركيز على بيئة العمل فقط، بل لا بد من النظر في أنهما يتفاعلان مع بعضهما بعضاً، ويؤثر كل منهما في الآخر، كما يؤثران معاً في سلوك وأداء الفرد، ويمكن تصوير ذلك بالشكل التالي:
ولذا يمكن النظر إلى الخصائص الشخصية عند الاختيار وتفعيل بيئة العمل بعد ذلك للحصول على أفضل ما لدى الموظفين.
وللأسف أن الاختيار في المنظمات الخيرية - كثيراً ما- يتم دون معايير أو بمعايير خاطئة ، كما أن الخطوة الأولى من خطوات عملية التوظيف وهي تحليل الوظيفة ومتطلباتها يوجد فيه ضعف واضح عند غالب المنظمات، فمن المعايير الخاطئة مثلاً البحث عن الأقل في التكلفة المباشرة، وهذا يكلف المؤسسة أكثر على المدى البعيد، ويستطيع المراقب للمؤسسات الخيرية أن يجزم أن بعض الموظفين إنما قبلوا التوظف والعمل بهذا الراتب لأنه ليس هناك بديل آخرعندهم، أو لأن كفاءته ضعيفة قد رفضتها المؤسسات التجارية والحكومية الأخرى.
ويعد سوء الاختيار -أياً كانت المعايير التي بُني عليها مصيبة- على المنظمة الخيرية تجنيه في سوء عملياتها وتخبط برامجها.
ففي دراسة أجريت على 350 أخصائي يعملون في 769 هيئة خيرية حول معوقات الهيئات الاجتماعية في دولة الإمارات أوضحت الدراسة الميدانية ما يلي:
- 90.2% من الإجابات تفيد أن الكفاءة ليست هي أساس الاختيار في كثير من الوظائف.
- 70.2% من الإجابات تفيد أن للمعرفة والمحسوبية دوراً كبيراً في اختيار كثير من فريق العمل (لاحظ أن غياب المعايير أو المعايير غير المعروفة تجعل هذا ما يتخيله العاملون ولو كان غير صحيح)
- 76.2% عملية التوظيف لا تحددها عملية موضوعية.
- 90.2 % من إعلان الوظائف صوري.
- 95.2% معظم الاختبارات التجريبية والشفهية عملية مظهرية.
- 97.2 % ترتيب الوظائف في معظم الهيئات الاجتماعية عملية غير قائمة على أسس عملية.
ومن الأخطاء الملحوظة في الاختيار في المنظمات الخيرية للعاملين:
1- الاختيار حسب الراتب والتكلفة.
2- الاختيار حسب الجنسية أو المنطقة.
3- الاختيار حسب الطاعة وعدم المخالفة.
4- الاختيار حسب الانتماءات الفكرية.
ثم يأتي بعد ذلك بيئة العمل التي تترجمها عدة جوانب:
1- برامج التدريب التي تقدم للموظفين، التي لا زالت في المنظمات الخيرية تتم بارتجالية وضعف - إن وجدت - ففي الدراسة السابقة أفاد 96.2% من الإجابات أن التدريب قبل الالتحاق بالعمل يكاد يكون منعدماً .
2- أسلوب المعاملة مع الموظف: فليس هنالك ما يقتل إمكانيات المرؤوس مثل شعوره بأن رؤساءه غير مبالين بأعماله وأحاسيسه، فكم من عبقريات حطمت لأنها لم تجد في اللحظة الملائمة رئيساً صالحاً يثني بعدل ويشجع بتعقل ويختم بطريقة تذكي نار الحماسة.
3- الحوافز والدوافع: الحوافز المالية قليلة جداً في المنظمات الخيرية، بل تنظر إليها بعض المنظمات نظرة سيئة. أما الحوافز المعنوية فتتراوح فيها المنظمات، ويعتبر استخدام الدوافع العاطفية والدينية من أفضل ما تتميز به المنظمات الخيرية، كما يلاحظ على كثير من المنظمات الخيرية الارتجالية في برنامج الحوافز وعدم ربط الحافز بالإيجابيات مما يفقد ه تأثيره .
4- طريقة تقييم أداء العاملين - إن وجد التقييم - تقع وفق معايير ميكانيكية بيروقراطية، مثل الحضور والانصراف والغياب لا على الإنجاز والفاعلية.
5- معايير الترفيع ومشكلته مبنية على مشكلة أسلوب تقييم الأداء، وإن كان مما يشكر للمنظمات الخيرية أنها عادة ما تستخدم الكفاءة في الترفيع ولا تستخدم أسلوب الأقدمية إلا نادراً.
6- أنظمة ولوائح الموظفين - إن وجدت ووجد تطبيق لها - فهي في الغالب أنظمة مكتبية مجردة، المقصود منها ضبط الحضور والغياب والانصراف والإجازات وما شابه ذلك.
ويمكن ملاحظة آثار هذه الأمور على تسويق المشاريع الخيرية، بالتالي :
1- أثر سوء الاختيار لفريق التسويق ابتداءً، فالإهمال في اختيار عمال البيع يؤدي إلى أوخم العواقب ويسبب خسائر كبيرة وهو أصعب مهام مدير التسويق.
2- تنمية الحوافز والأجور التي تقدم للموظفين: فغالب المنظمات تستخدم نظام الأجر الزمني وقليل منها التي تستخدم الأجر على أساس الإنتاج فمثلاً بعض المنظمات تعطي المسوق نسبة مما يجمع تبلغ 5-15% إضافة لراتبه أو دون راتب، هؤلاء يكون حماسهم مختلفاً عن حماس أمثالهم ممن لا يكون له نسبة، إلا أن يكون محتسباً للأجر متبنياً للرسالة التي تقوم عليها المنظمة، وغالباً ما تستخدم المنظمات الخيرية نظام الأجر الثابت أو العمولة الثابتة أحياناً، ويندر جداً أن تستخدم نظام العمولة المتزايدة أو المتناقصة أو المتغيرة ، ويجب ألا تترك هذه الحوافز والأجور لمزاجية بعض العاملين أو المدراء، فقد أوضحت الدراسات المستفيضة كيف تؤدي عملية منح المكافآت وفرض العقوبات بصورة عشوائية وغير مشروطة إلى خلق أشخاص معقدين نفسياً، فتطبيق النتائج بصورة غير مترابطة تعوزه الصراحة تدفع إلى الجنون .
3- أنظمة ولوائح الموظفين قد تنمي روح الابتكار والإبداع، وقد تقتل كل الإبداعات وتنمي المداهنة للرئيس أو المسئول عن العمل، فيوجد في كثير من المنظمات الخيرية نظام للبدلات، ولكنه لا يتعدى التذاكر والسكن، وأحياناً الأكل بالإضافة إلى التكاليف غير المنظورة كالاتصالات وغيرها، كما أنها لا تصرف له إلا بطلب منه وتعطى له أحياناً كأنما هي حافز من الحوافز، مع أنه حق له ابتداءً، مما قد يؤثر في حماس المسئول على التنقل والسفر.
4- برامج التدريب والتنمية - إن وجدت وهي قليلة- قد لا تمس الحاجات الحقيقية للمتدرب، كما يمكن أن تمثل الدورات والبرامج عبءً زائداً على الموظف إذ يتم تدريبه على ما لا يريد أو ما لا يخصه أو ما لا يستطيع تطبيقه، وأحياناً في وقت إضافي على وقت العمل.
5- الضعف والتهالك الإداري أو القوة الإدارية هي سند المسوق في عملية التسويق، إذ أن الإدارات تتشابك وتتداخل كما سبق بيانه.
ونتج عن ذلك كله في كثير من المنظمات الخيرية عدة نتائج:
1- كثرة دوران العمل: سواء كان بخروج الموظف أو بفصله.
2- كثرة التشاكي والتأخر في الإنجاز: فالموظف المستاء يترك استياءه في كل مكان من الشركة، يأتي متأخراً ويتأخر في تسليم العمل عن مواعيدة ، ولعل الإحصائية السابقة تعطي بعض الدلالات في هذا الأمر، مما يعطي سمعة سيئة للمنظمة .
3- المتطوعون في العمل الخيري:
وهم الركيزة والفئة الثانية في العاملين بعد الموظفين، ويمثلون أكثر العاملين في المنظمات الخيرية، وتتميز بهم المنظمات الخيرية، ولا يوجدون غالباً في غيرها.
هؤلاء المتطوعون يشكلون رقماً لا يستهان به في المنظمات الخيرية، ويمكن ملاحظة ذلك من إحصاءات الولايات المتحدة لعام 1994م:
- تطوع أكثر من 92.2 مليون شخص.
- كان معدل ما تطوع به الفرد 4.2 ساعة أسبوعياً.
- مجموع عدد الساعات التي قدمها المتطوعون 20.5 بليون ساعة وهو ما يساوي عمل 9 ملايين موظف.
- بلغت قيمة وقت التطوع 176 بليونا دولارا أمريكيا.
وتعتمد قدرة المنظمة على استقطاب وتجنيد المتطوعين على أمور كثيرة منها:
1- أن يكون لدى المنظمة رغبة فعلية في تجنيد متطوعين، وأن تعرف لماذا تريدهم، وماذا تريد منهم، ففي كثير من الأحيان تفشل المنظمة عند هذه النقطة حيث تطلب متطوعين، وهي لا تعرف ما تريد منهم، وما تعرفه فقط أنها تريد المال فقط، وهو ما لا يصلح لكل الناس.
2- أن يكون لدى المنظمة تصميماً لمهام قيمة للمتطوعين، فما لم يكن المطلوب منهم يثير حماسهم ويبعث على التحدي فلن تستطيع أي منظمة تجنيد المتطوعين.
3- أن يكون لديها خطة لتجنيد المتطوعين وأن تكون الخطة موضع التنفيذ والتطوير بشكل دائم، وألا يترك الموضوع للارتجالية واللامبالاة.
4- ويتطوع المتطوع في المنظمات الخيرية لأسباب كثيرة تختلف من مجتمع لآخر ومن مجال لآخر، حتى أن بعض الكتاب ذكر أكثر من ستين سبباً للتطوع، منها:
1- الأسباب الدينية وابتغاء الأجر من الله.
2- رحمة الفقراء، وحب نفع الناس.
3- اقتناع العضو بأن الانضمام للجمعية مسئولية اجتماعية.
4- القناعة بحاجة المجتمع إلى برامج الجمعيات الخيرية.
5- شعور العضو بالراحة النفسية بعد كل عمل يقوم به.
6- الرغبة في زيادة الخبرات.
7- توفر فرص للانطلاق والتعلم.
8- وجود زملاء له في العمل الخيري.
9- ارتباط وظيفة الفرد بأنشطة الجمعية.
10- وجود العضو في مركز إداري بالجمعية.
11- الرغبة في توطيد العلاقات وإقامة علاقات جديدة.
ومع أننا نتحدث عن تطوع مما يشعر أنه دون مقابل، لكن الحقيقة أن المتطوع ينتظر من تقديمه للعمل مقابلاً هو سبب تطوعه، فربما كان ينتظر الأجر من الله أو التعلم أو المكانة أو الجاه أو تخفيض للضرائب أو غير ذلك.
ويختلف التعامل مع المتطوع من مجتمع لآخر حسب الأعراف السائدة، ومستوى الدخل، والجنس، والبيئة بشكل عام، وتتفق هذه المجتمعات في أن المنظمة التي لا يوجد فيها إرادة لجذب المتطوعين وتشغيلهم والمحافظة عليهم لن يأتي لها المتطوعون، فالطريقة الوحيدة للحصول على المتطوعين هي أن تطلب من الناس أن يتطوعوا.
وللمتطوعين تأثير كبير على تسويق المشاريع في المنظمات الخيرية، حيث يناط بهم جهد كبير ومسئولية كبيرة، فإن أحسن التعامل معهم تم -بإذن الله- لهم وللعمل التطور، و إلا أصبحوا وبالاً وسمعة سيئة على المنظمة الخيرية كلها.
ويلاحظ من هياكل الإدارات في المنظمات الخيرية الناجحة تسويقياً ومن هيكل العملية التسويقية بصفة خاصة الاهتمام بالمتطوعين بصفة خاصة ، حيث لا يمكن أن يبنى التسويق على موظفين فقط، بل لا بد من المتطوعين الذين يشكلون غالباً غالبية المسوقين، لأسباب منها:
1- أن ثقة الناس بهم أكبر من الموظفين وتقديرهم لهم كبير جداً (97.5% من الناس في المجتمعات التي توجد بها جمعيات خيرية، ففي المملكة العربية السعودية يقدر أيم تقدير ما يقوم به المتطوعون .
2- إمكانية استخدام عدد كبير منهم بتكلفة أقل.
3- إمكانية تجنيد كفاءات متميزة لا يمكن توظيفها.
4- إمكانية تجنيد متطوعين من جميع الفئات والتخصصات.
5- تقليل نسبة المصاريف التسويقية.
6- التعريف بالمنظمة في مجالات عمل المتطوع.
7- سرعة الإنجاز والحماس والحيوية .
ونظراً لوجود المتطوعين بكثرة في أقسام التسويق فإن لهم تأثيراً كبيراً على العمليات التسويقية في المنظمة الخيرية، فالمنظمة الخيرية تتأثر بهم وتؤثر فيهم.
ولعل من أبرز المظاهر التي تعطي أهمية لأثر المتطوعين في تسويق المشاريع الخيرية، ما يلي:
1- أن المتطوع هو يختار ما يريد أن يسوق، فلا يمكن فرض المشروع عليه، وهنا تظهر أهمية إيصال القناعة والرسالة إليه.
2- أن المتطوع يفرض أفكاره فيما يسوق ويضع شروطاً على ما يسوق، وهنا تظهر أهمية أن يتبنى المتطوع رسالة المنظمة وثقافتها وأهدافها.
3- أن المتطوع في التسويق يمثل المنظمة أمام المتبرعين وأمام غيره من المتطوعين وأمام المجتمع بصفة عامة، وهنا تظهر أهمية اختيار المتطوع المناسب وتطويره وتدريبه ونقل رسالة المنظمة وثقافتها إليه.
ويقترح حل هذه الإشكاليات وللاستفادة المثلى من جهود المتطوعين - وهم كثر-، ما يلي:
1- أن يعطى المتطوع عناية خاصة من وزارات الشئون الاجتماعية في الدول، وأن يكون لهم نظام، ففي بعض دول العالم يعفى المتطوع من بعض الضرائب إذا بلغ تطوعه عدداً محدداً من الساعات، كما يتابع أثناء تطوعه وتحل له الإشكاليات التي قد تواجهه في مسيرته التطوعية.
2- أن تنشئ كل منظمة قسماً أو إدارة خاصة بتجنيد ورعاية وتنمية وتدريب وتثقيف المتطوعين، في محاولة لجذبهم وتشغيلهم وإزالة العوائق التي قد تعترضهم، ولا توزع هذه المهمة بين الإدارات مما يضيع مهامها وقدرتها على المتابعة للمتطوعين.
3- أن يكون هناك أقسام وفروع خاصة ومستقلة نسائية تقوم برعاية المتطوعات، منهن وهن كثر، حتى أنه بلغت نسبة النساء 50% من المتطوعين في مختلف المنظمات الخيرية الأمريكية .
4- أن يكون جزء من الهيكل الإداري على الأقل الهيكل الموسع- وأن يكون جزء من الأعمال المهمة التي تحتوي على تحد وإنجاز من ضمن الأعمال التي تناط بالمتطوعين ولا تكون أعمال المتطوعين مجرد أعمال روتينية أو هامشية.
ويتجاوز تأثير المتطوعين تأثيرهم في جميع قضايا التسويق إلى التأثير في جميع قضايا المنظمة كلها بدون استثناء، ولذا وجب الاهتمام بالمتطوعين والعناية بهم والاستفادة منهم.
وما ذلك إلا لأن المتطوع مع الموظف في التسويق هما اللذان يمثلان التسويق، وينبغي التنبه للعلاقة بينهما بحيث لا يتجاهل الموظف المتطوع أو يقلل من شأنه مما يعني فقدان المتطوع وتطوعه وعزوف المتطوع عن العمل، كما لا يعني أن يشعر المتطوع أو الإدارة بأن الموظف مجرد أجير ويكون الرأي والمشورة كله للمتطوع، بل ينبغي أن يكون التركيز على مبدأ التعاون بينهما.
4-العاملون في التسويق:
للعاملين في التسويق سواءً كانوا موظفين بأجر أو متطوعين تأثير خاص على عملية التسويق لأنهم هم الذين يباشرونها، ولذا وجب إفرادها بالحديث عند الكلام عن تأثير العاملين في المنظمة.
وأول القضايا التي ينبغي التنبيه عليها أن مشاكل العاملين في التسويق هي مشاكل بقية العاملين ذاتها سواءً كانوا موظفين أو متطوعين، لكننا أفردناها من أجل أن نخصهم ببعض الجوانب التي تخصهم، وسنتحدث بصفة خاصة عن اختيار المسوقين والتدريب التسويقي.
أولاً : اختيار المسوقين:
يتم اختيار المسوقين عادة بأحد الطرق التالية:
1- أن يكون مسوقاً ناجحاً في منظمة أخرى.
2- أن يكون تاجراً أو ابن تاجر أو له علاقة مباشرة بالتجار.
3- أن يثبت براعته من خلال التطوع في أمر آخر، فيعرض عليه أن يتخصص في التسويق.
4- أن يكون ناجحاً في عمل آخر فينقل للتسويق لعله أن يكون ناجحاً فيه أيضاً.
ومشكلة معايير المسوق المناسب في العمل الخيري أنها تختلف عنها في العمل الربحي كثيراً، ويندر ما يكون هناك توافق بين المعايير الخيرية والمعايير التخصصية للتسويق، مما يشكل مشكلة في اختيار المسوقين المناسبين، وليس لهذا حل عند كثير من المنظمات الخيرية إلا أن تختار بأحد الطرق التي سبق ذكرها.
ثانياً: تدريب المسوقين :
هذا المسوق الذي تم اختياره ليس له إلا النادر من البرامج التدريبية، وغالباً ما يتم تعلمه عن طريق:
1- التجربة والخطأ.
2- التدريب أثناء العمل والذي تنقصه الإمكانيات المادية والبشرية، كما ينقصه الاهتمام به وإعطاؤه أهمية ووقتاً كافيين.
3- الدورات التي تعطى له بواسطة أناس أكثر منه تجربة لكنهم غير متخصصين أو مدربين جيداً.
4- التعلم بمجهوداته الشخصية.
وفي دراسة المؤسسات الاجتماعية في الإمارات أفادت الدراسة ما يلي:
- التدريب أثناء العمل يكاد يكون منعدماً (96.2 %).
- التدريب أثناء العمل تنقصه الإمكانيات المادية والبشرية بنسبة (80.2%).
- تدريب المشرفين على عملية التدريب تنقصها كذلك الإمكانيات المادية والبشرية بنسبة (82.3%).
ومع أن مكتب المتابعة لمجلس وزراء العمل والشئون الاجتماعية بالدول العربية الخليجية في دراسته عن العمل الاجتماعي التطوعي أفاد أن نسبة الدول التي تشارك في دعم المنظمات بإقامة الدورات التدريبية لتطوير قدرات الأعضاء كانت (100%) إلا أنها لا تشكل حسب إجابات الجمعيات الخيرية النسبة نفسها (30%) وفي ظني أنها أقل من ذلك بكثير لأنك لا تكاد تسمع بدورة إلا نادراً، وبمبادرات من المنظمات نفسها، وربما كان سبب هذه النسبة تحفظات من المنظمات نفسها في الحديث عن الجهات المشرفة عليها والمسئولة عنها أو بسبب قدم الإحصائية (1988 م).
ج - تأثير الجمهور :
المنظمات لا تعمل وسط فراغ، وهذا يعني أن بقاء مؤسسات الأعمال في العمل ونموها في المستقبل يتوقف على قبول الأفراد والمؤسسات لهذه المنظمة، هذا القبول لا يمكن ضمانه ما لم تعمل المؤسسة على تحقيقه. ويتضح ذلك من عدة محاور:
1-مفهوم الجمهور، ومن هم ؟
الجمهور هم أي مجموعة من الناس لديها اهتمام حالي أو مستقبلي أو تأثير حالي أو مستقبلي على قدرة المنظمة في تحقيق أهدافها ، وهم الذين يحيطون بالمنظمة في جميع مجالاتها ولهم مصلحة حقيقية أو محتملة في نجاح المؤسسة وقدرتها على تحقيق أهدافها ، فإذا كانت المنظمة تتعامل مع مؤسسات مالية فهي ستتأثر بجمهور المؤسسات المالية وإذا كانت تتعامل مع مؤسسات إعلامية فهي ستتأثر بجمهور المؤسسات الإعلامية، وهكذا.
فالجمهور إذن رابطة فضفاضة لأفراد تجمع بينهم مصالح مشتركة أو قاعدة ثقافية مشتركة ووسائل آلية مختلفة من الاتصال، وليس بالضرورة أن تجتمع أجسامهم، وكلما زاد ترابط الجمهور واتفاقه في أفكاره وآلياته كان أقدر على التأثير.
مما يعني أهمية أن تعي المنظمة كيف تتعامل مع جماهيرها المختلفة، لتستطيع أن تستفيد منهم أقصى الاستفادة وتحذر من أن يجروها إلى ما لا تريد أو ما يخالف رسالتها التي وجدت من أجلها، حيث بمقدور الجمهور أن ييسر أو يعوق قدرة المنظمة في تقديم خدماتها لعملائها ، ومن نعم الله على المنظمات الخيرية بصفة عامة وفي الدول الإسلامية بصفة خاصة أن الناس يؤيدون المنظمات الخيرية بشدة، ففي دراسة أجريت وجد فيها أن حجم التأييد من 99.3-100%.
2 – أمثلة للجماهير الذين تتأثر بهم المنظمة:
الجماهير الذين تتأثر بهم المنظمات كثيرة، من أهمها للمنظمات الخيرية:
1- جماهير المؤسسات الدينية:  إذ أن التبرع في عالمنا الإسلامي مرتبط - غالباً- بقضايا الدين سواء كان زكاة أم صدقة أم هبة أكثر من ارتباطه بمؤسسات الضرائب وما شابهها من المؤسسات، وليس كما في العالم الغربي الذي تحسب فيه تبرعات التاجر ثم تخفض من الضرائب التي تفرض عليه كما تحسب أيضاً ساعات التطوع وتقوم ثم تخصم أيضاً من الضرائب التي عليه وهكذا...
2- جماهير المؤسسات المالية: فعندما نتكلم عن تسويق مشاريع خيرية فإننا نتكلم بالدرجة الأولى عن جمع التبرعات المالية، مما يعني الحديث عن المال وجمهوره، فالممول لمشروع يحتاج لتحريك ماله من عنده إلى المنظمة التي ستقيم المشروع، مما يعني اتصالاً وثيقاً بالمؤسسات المالية وجمهورها.
3- جماهير المؤسسات الإعلامية:  فارتباط التسويق بالإعلام ارتباط وثيق، إذ أن من أكثر ما يصوغ عقول الناس وتصرفاتهم وسائل الإعلام المختلفة، وتحتاج المنظمة الخيرية إلى الإعلام حتى تستطيع أن توجه اهتمامات الناس إلى المشاريع التي تريدها عن طريق البرامج التعريفية والدعاية والإعلان ،وغير ذلك من الأدوات الإعلامية.
4- جماعات الضغط المختلفة: فمنها ما هو من الجماهير السابقة، ومنها ما هو ناشئ من مؤسسات أخرى في المجتمع تمثل مراكز القوى المختلفة فيه، مثل جمهور المحاكم والقضاء وجمهور الرياضة وجمهور الثقافة والعلم وغير ذلك.
وتقوم الجماهير بالتأثير على المنظمة والتأثير على سلوك أفرادها والتأثير على هيكلها وأقسامها ومهامها ورسالتها وأدواتها ، ويمكن تمثيل المنظمة مع هذه الجماهير بسكان جزيرة في وسط عدد من المحيطات المتلاطمة التي تحيط بها ويعيش السكان عليها، فلا تستطيع أن تتناسها ولا تستطيع أن تعيش من دونها، كما أنها لا بد أن تتأثر بها وتحاول أن تستفيد منها.
أ-جمهور المؤسسات الدينية:
الدين هو الدستور الأخلاقي لسلوك معتنقيه، وتعاليمه الدينية تحدد تصرفات الأفراد نحو سلع أو مشاريع معينة، ويمتد تأثير الدين إلى طرق أداء العمل وإلى القيم الأساسية لأفراد المجتمع، مما يعني إحاطته بجميع مناحي الأعمال الربحية والخيرية.
ويتزايد تأثير جمهور المؤسسات الدينية على المنظمات الخيرية يوماً بعد يوم، سواءً كانت هذه المنظمات الدينية مسجداً أم مركزاً علمياً أم دعوياً أم إرشادياً أم غير ذلك، ولا يمكن فصل تأثير عقيدة المرء الدينية وشعاراتها ومبادئها عن سلوكه وثقافته بحال من الأحوال.
ولعل من أسباب تزايد تأثير هذا الجمهور كون كثير من المنظمات الخيرية أو أكثرها في عالمنا العربي دينية التوجه أو بمعنى آخر أن القائمين عليها من التيارات الدينية، ولعل من أسباب ذلك مع حرص المتدينين على خدمة المجتمع كون المتبرعين لا يثقون ولا يتبرعون لمنظمة - في الغالب- ما لم يكن القائمون عليها من أهل الخير والصلاح.
كما وأن من الأسباب أن غالبية المتبرعين في العالم كله بله العالم الإسلامي هم من جمهور المؤسسات الدينية، إذ أن الدافع الديني هو أكبر الدوافع للتبرع في العالم كله عامة وفي العالم الإسلامي خاصة، ويبلغ حجم تبرعات الأفراد للمؤسسات الدينية في العالم يومياً 200 مليون دولار.
ولذا كان السباق على رضا وكسب جمهور المؤسسات الدينية من السباقات المحمومة بين المنظمات الخيرية، مما قد ينتج عنه تغير - أحياناً - في أسلوب التفكير والرسالة والتوجه لدى بعض المنظمات بما يتناسب مع ما يريده جمهور المؤسسات الدينية.
لذا قد تجد أن بعض المنظمات تضطرب في تصريحاتها ودعاياتها لأنها تريد أن ترضي المتبرعين بما لا تتبناه في مبادئها ورسالتها، مما يجعلها أقرب إلى التمثيل والنفاق منها إلى الحقيقة.
بل يمتد تأثير هذا الجمهور ليصل لكل مكونات المزيج التسويقي بحيث يضع ضوابط حتى على اختيار الأفراد العاملين أو العاملات والمتطوعين أو المتطوعات وأساليب التعامل معهم وما شابه ذلك.
فعلى سبيل المثال تضطر المنظمات الخيرية التي تشرك النساء في العمل الخيري إلى مراعاة وجهة النظر التي يراها جمهور المؤسسات الدينية حتى وإن كانت هي لم تقتنع بهذه الوجهة، فإن هي لم تراعي ذلك فقدت زخمها وقوتها وشعبيتها وبالتالي المتبرعين والمتطوعين لها، ولذا ليس لدى المنظمة الخيرية إلا مراعاة هذه الأمور إما بقناعة وتبن للموضوع أو بتمثيل لا يلبث أن يفتضح أمره.
والتأثير الديني له تأثير كبير على تصرفات جميع الأفراد في المنظمات الخيرية سواءً كانوا عاملين في المنظمة أو متطوعين أو متبرعين، ومع ذلك لم يلق من الدراسة الجادة حقه، في من يدرس المنظمات والمجتمعات، ويرجع ذلك إلى طبيعة النظريات التقليدية التي يقوم على أساسها التفكير في المنظمات .
ب- جمهور المؤسسات الإعلامية:
وهو جمهور عريض كان ينظر له على أنه كتلة متفككة لا تفاعل بينها ثم أثبتت الدراسات عكس ذلك ، وعموماً لا يوجد أحد لا يتأثر بوسائل الإعلام بشكل أو بآخر، فتأثيرها وصل إلى كل مدينة وكل قرية بل وكل بيت وكل فرد وكل مكان في الكرة الأرضية تقريباً.
إذن فالمنظمات الخيرية لا تستغني عن جمهور وسائل الإعلام بأي شكل كان، وهي مضطرة للتعامل مع هذا الجمهور الذي يتفاعل بشكل يومي تقريباً مع وسائل الإعلام، ويزداد اتصال المنظمة الخيرية بهذا الجمهور إذا ما حاول أن يستخدم هذه الوسائل الإعلامية في تسويقه للمشاريع الخيرية، وفي دراسة أجريت عن كيفية معرفة الناس للمنظمات الخيرية في مناطقهم وجد أن 22% علموا عن المنظمة من وسائل الإعلام.
وكل منظمة خيرية - تقريباً - تحتاج في تسويقها لكثير من المشاريع الخيرية إلى وسائل الإعلام مما يجعلها تحت تأثير جمهوره بشكل أو بآخر.
ومن أكثر أشكال اتصال المنظمات الخيرية بوسائل الإعلام شيوعاً:
1- البرامج التعريفية بالمنظمة: كالمقابلات أو المسابقات أو الندوات التعريفية أو التحقيقات الإعلامية وما شابهها، التي تفسر الأحداث وتعلق عليها وتحاول بناء إجماع على بعض القضايا.
2- الإعلانات: سواءً كانت هذه الإعلانات مدفوعة القيمة أم بالمجان، وهي من أقوى أدوات إنشاء الوعي عن المنظمة وعن مشاريعها وبرامجها المختلفة.
3- بث الأخبار الخاصة بالمنظمة: وتتمثل في جمع الأنباء والبيانات والصور والتعليقات عن الأحداث والظروف في المجتمع والعالم التي لها علاقة بالمنظمة الخيرية بصفة عامة أو بمشروع محدد من مشاريع المنظمة.
ووظيفة الإعلام الأساسية تكمن في ربط المجتمع والعمل على تماسكه والمساعدة على تبادل الآراء والأفكار والعمل على استيعاب مشاكل المواطنين ومحاولة حلها وإحداث التغيير المناسب، وهي عمليات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالمنظمات الخيرية إذا استطاعت أن تصل إلى قلوب الناس وهموم المجتمع.
وقد أصبحت وسائل الإعلام بديلة في تكوين الاتجاهات عن الأسرة في كثير من المجتمعات، مما يعني أن المنظمات الخيرية محتاجة لوسائل الإعلام حتى تقنع الجمهور بأعمالها وتكون اتجاهات إيجابية عنها وعن مشاريعها.
ويغلب على تكاليف الإعلان في وسائل الإعلان أنها عالية التكلفة قليلة المردود في المنظمات الخيرية، ولذا حاولت مئات المؤسسات الخيرية في الولايات المتحدة جمع التبرعات بواسطة الإعلان في وسائل الإعلان المختلفة بطرق وأساليب مختلفة ومحاولات متكررة، واعتمدت فيها على أرقى المختصين والمحترفين في شئون الإعلام وغيرهم ولم تنجح محاولة واحدة في كل هذه المحاولات بأن تغطي تكاليفها ناهيك عن تحقيق دخل ، مما يعني أن تعاون المؤسسات الإعلامية مع المنظمات الخيرية من ضروريات التسويق في المنظمات الخيرية.
ج- جمهور المؤسسات المالية:
ونعني بالمؤسسات المالية: المؤسسات المختصة بالتعاملات المالية: كالبنوك والصرافين وما شابه ذلك. واتصالها بالمنظمات الخيرية اتصال مالي قبل كل شيء، ويكون تأثير جمهورها على العمليات والإيرادات المالية وإداراتها.
وغالباً ما تفتح المنظمات حسابات جارية في البنوك المحلية، بل يعتبر ذلك شرطاً لأخذ تصريح المنظمة الخيرية في كثير من الدول في العالم.
كما أن كثيراً من المنظمات تقوم بكثير من العمليات المالية كالتحويل بين الحسابات أو التحويل بين الدول بشكل شبه يومي، وكذا الإيداع والسحب.
ويميز الناس بين المؤسسات المالية عادة بأمور كثيرة مثل أنظمتها وتوجهاتها وتسهيلاتها وتسييرها لعملها، إلى غير ذلك من الأمور، ويختارون المؤسسة أو البنك الذي سيتعاملون معه بناءً على ما سبق، أما عند اختيار المؤسسات المالية أو البنكية التي ستعلن للمتبرعين فلا بد للمنظمات الخيرية من مراعاة ما سبق، أعني أنظمة المؤسسات المالية وتوجهاتها وتسهيلاتها إلى غير ذلك، كما لا بد أن تراعي كون المؤسسة المالية مرضية في التعامل مع الجمهور، متواجدة في أماكن تواجد الجماهير لا في أماكن تواجدها هي فقط.
ومن الممكن أحياناً بالاتفاق مع المؤسسات المالية الموجودة عقد صفقات تسويقية لمشاريع المنظمة ،كما تفعل بعض المنظمات بجعل كل عملية صرف آلي يتضمن تبرعاً من البنك لا من العميل للمنظمة، مقابل أن يعلن البنك وتعلن المنظمة أن استخدام أجهزتهم في الصرف يعد عملاً خيرياً.
كما تسعى كثير من المنظمات لعمل استقطاعات شهرية من حسابات بعض المتبرعين إلى حسابها، ولأن كثرة هذه العمليات أمر مكلف بالنسبة للمؤسسة المالية فإنها قد ترفض أو تضع عليها شروطاً متعبةً، ما لم تكن علاقة المنظمة بالبنك جيدة، أو ما لم تقدم المنظمة تسهيلات مالية للبنك، والمنظمة مضطرة في كل هذا أن تحدد البنك الذي يتعامل معه غالبية جماهيرها.
ومن تأثيرات المؤسسات المالية على المنظمات الخيرية:
1- أن المنظمات قد تود عمل بعض الأفكار التي تسهل عملية التسويق، ولا تتمكن من ذلك لأسباب تتعلق بمستوى المؤسسات المالية ومستوى خدماتها، كما لو كانت تريد:
- أن تفتح باب التبرع عن طريق الهاتف مباشرة، فلن تستطيع ما لم تكن البنوك قادرة على تقديم مثل هذه الخدمة تقنياً.
- أن تفتح حساباً يتم التبرع فيه للمنظمة عن طريق الشبكة العنكبوتية (الإنترنت) مباشرة، فما لم تكن التعاملات المالية مقبولة على الشبكة العنكبوتية لدى المؤسسات المالية فلن تستطيع المنظمة عمل ذلك.
- أن تفتح باب التبرع عن طريق بطاقة الصراف الآلي مباشرة.
2- كما تؤثر المؤسسات المالية في حرص المسوق على التدفقات المالية التي تجلبها لتمويل مشروع، فقد يحرص المسوق على أخذ المبلغ كاملاً قبل البدء في المشروع، وقد تغطي مدة معينة للمشروع مبدئياً، فإذا كانت المنظمة تستثمر الأموال التي لديها قبل صرفها فيحرص المسوق عادة على تسريع عملية التدفقات المالية، وإذا كانت إنما توضع في الحساب فقط، فقد لا يهتم المسوق بسرعة التدفقات المالية قبل مواعيدها.
3- وتؤثر طريقة تحويل المبالغ وأسعار الصرف بين العملات وتذبذب العملات في المؤسسات المالية على تحديد مبلغ التبرع الذي يعرض كسعر لمشروع معين، فقد تحسب كفالة اليتيم بالدولار أو بالإسترليني أو بالريال أو الدينار في المكان المستفيد،وتحسب بعملة أخرى في المكان الذي تسوق فيه وهكذا...
4- كما تؤثر بيوت الاستثمار في المؤسسات المالية على تحديد السرعة التي يطلبها المسوق لتمويل مشاريعه أو استثماراته، وعلى طريقة تمويل الاستثمارات، كما أن درجة المخاطرة التي تضعها هذه المنظمات مهمة في عملية تسويق الاستثمارات المالية للمنظمة.
د- جماعات الضغط المختلفة:
وهم أي مجموعة تشكل ضغطاً على المنظمة، ولها مصلحة فعلية أو محتملة في المنظمة، أو تؤثر في قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها سواءً كانت من الجهات الحكومية أم الأهلية أم غير ذلك.
فقد يضغط على المنظمة جمهور المؤسسات الحكومية بأنظمتها وقراراتها مثلاً، أو جمهور المؤسسات الأهلية بتبرعاتها ودعاياتها مثلاً أو الجمهور الداخلي بإداراته المختلفة أو غير ذلك، لكن نحن نعني بصفة خاصة بجماعات الضغط الجماعات غير الواضحة، مثل الجماعات غير الرسمية داخل المنظمات نفسها، أو الأحزاب والجماعات التي تسير المنظمة من خلفها وما شابه ذلك.
فقد تستطيع مجموعة من داخل المنظمة أومن خارجها أن يحركوا أو يكونوا تياراً مؤيداً أو رافضاً لفكرة ما أو لقرار ما بحيث لا تستطيع المنظمة تجاوز هذا التيار أو تجاهله.
وتبرز قوة جماعات الضغط إذا توفرت فيها عدة عناصر:
1- أفراد قاعدة الجماعة: من حيث عدد الأعضاء والتنظيم.
2- قوة التنظيم الداخلي لها.
3- سمعة الجماعة لدى الجمهور الذي تعيش فيه المنظمة.
وعند غياب رسالة واضحة لدى المنظمة الخيرية تكون عرضة بشكل أكبر للتأثر بجماعات الضغط المختلفة، وكلما كانت الرسالة والإدارة أوضح كلما قل تأثير الجماعات الضاغطة.
يتولد ضغط جماعات الضغط من قدرتها على توجيه الرأي العام للمنظمة أو توجيه إدارتها بما يتوافق مع رؤية الجماعة، مما يشكل عامل ضغط على المنظمة، ومن صور ذلك في المنظمات الخيرية:
1- حينما تولد منظمات خيرية من أحزاب أو تنظيمات أو جماعات، فإن هذه المنظمات تبقى أسيرة ضغط من الحزب أو التنظيم أو الجماعة، فلا تستطيع أن تنفرد برأيها، ولا تستطيع أن تتغلب أو تقاوم هذا الضغط، بل ربما اتهمت من قبل الحزب بسوء النية، وحينها تتحول الأمور إلى تهجم بدلاً من مناقشة جواهر الأمور.
2- أن يوجد تنظيم غير رسمي داخل المنظمة فإن كان هذا التنظيم مترابطاً واضح الرؤية، سمعة أفراده جيدة وعددهم كبير فإنه يستطيع أن يغير في المنظمة عن طريق الضغط الداخلي، بل من الممكن أن يحدث ما يمكن تسميته بالانقلاب الداخلي أو الثورة الداخلية، وعلى عكس وجهة النظر السائدة ليس كل تنظيم غير رسمي سيئاً، بل أحياناً قد يرغب المديرون في أن يأمروا بإزالة التنظيمات غير الرسمية بجرة قلم، وهذا طبعاً غير ممكن ، مما يعني أهمية التعامل معها بحكمة وروية حتى لا تصبح كتلة معارضة أو كتلة شغب.
3- أن تسيطر مجموعة من المتطوعين أو المتبرعين أو حتى العاملين على موارد منظمة بحيث تكون كلها من قبلهم وبواسطتهم مما يعطيهم القدرة على فرض وجهة نظرهم في المنظمة ومشاريعها.
4- المؤسسات الحكومية المشرفة على العمل الخيري، التي تصدر القوانين والتشريعات للعمل الخيري، والتي ترفع التقارير والمعلومات عنه، والتي قد يكون بيدها الدعم وتحديد مقداره أو تجديد الترخيص أو إلغائه، وما شابه ذلك.
د - تأثير الوسطاء:
ارتبط الحديث عن الوسطاء كثيراً بالحديث عن التوزيع في بحوث التسويق بصفة عامة، وتبدو أهمية الوسيط لدى المنظمات إذا كان ليس لدى المنظمة التي لديها سلعة أو خدمات المعرفة والدراية بتسويق منتجاتها أو خدماتها للمستفيد النهائي، ومن ثم تستعين بالوسيط في عملية التوزيع للمنتج أو الخدمة.
و لدراسة تأثير الوسطاء نتطرق للموضوع من عدة محاور :
1- مفهوم الوسطاء في العمل الخيري:
من الممكن النظر إلى المنظمات الخيرية بجملتها كمنظمات وسيطة بين المتبرع والمستفيد، وبهذا المفهوم فإن المنظمة لا تقدم منتجات ولا خدمات وإنما توصل سلعة المتبرع (مال) أو خدمة المتطوع (جهد) إلى المستفيد النهائي.
والمنظمات التي تنظر إلى عملها هذه النظرة تتحول رؤيتها لنفسها من منتج إلى وسيط، مما يعني تغيراً في نظرتها للمال الذي تملكه، وللمتطوعين الذين يخدمون عندها، وللمتبرعين الذين يتبرعون لها، إلى غير ذلك.
وعموماً حتى مع هذه النظرة تبقى العملية التسويقية التي تقوم بها المنظمة تعتمد على المزيج التسويقي بما فيه عملية التوزيع واستخدام الوسطاء، باعتبار أنهم يقومون بتوزيع فكرة المشروع وأدواته، وباعتبار أن الوسطاء يقومون بإيصال الفكرة وأدواتها للمتبرع ويقومون بدور استلام التبرع وإيصاله للمنظمة.
ويمكن تصوير العلاقة بين المتبرع للمنظمة والمنظمة ودور الوسيط فيها، بالشكل التالي:
ولذا تقوم المنظمات التي تريد أن تنشط عمليات التسويق لديها ببرامج تنشيط لكل من:
- المتبرعين.
- الوسطاء.
- القوة البيعية للمنظمة: كالمقابلات والاجتماعات والمواد التدريبية.
وفي محاولة المنظمة الوصول إلى أكبر عدد من المتبرعين لتنفيذ أكبر عدد من المشاريع، تحتاج المنظمة لعدد كبير من المتطوعين أو الموظفين الذين يعملون وسطاء بين المنظمة والمتبرعين، مما يجعل إدارة هؤلاء الوسطاء وتأثر المنظمة بهم كبيراً.
وتتنافس المنظمات الخيرية على استقطاب الوسطاء كما تتنافس على استقطاب المتبرعين، إذ هم بوابة المتبرع ومفتاحه وواجهة المنظمة لديه، مما يعطيهم ثقلاً لدى المنظمات ويزيد من أهميتهم لديها.
وهؤلاء الوسطاء أصناف وأجناس وأنواع في أنماطهم وثقافاتهم وطرق تفكيرهم وقربهم أو بعدهم من المنظمة أو المتبرع، مما يعني أهمية معرفة هذه الجوانب حتى يتم التعامل معهم بشكل علمي وموضوعي، وهو حديثنا في المباحث التالية.
2- الوسطاء وشبكات الاتصال مع المتبرعين:
للمنظمات حتى تتصل بالمتبرع طرق مختلفة في اتصالها مع المتبرع، تختلف حسب فئة المتبرع التي يراد الوصول إليها، وحسب قدرات المنظمة وإمكانياتها ومواهبها.
وتتكون الشبكات المتبادلة لمعاملة البيانات طبيعياً وغالباً تلقائياً، وتستغل بعض الروابط في شبكات العلاقات بين الأفراد بدرجة كبيرة، وأحياناً بدرجة أقل حسب موقعهم في الشبكة، وهذه الشبكات الاتصالية تستعمل لمد الجماهير المؤيدة بالبيانات التي يعتقد أعضاء الجماعة أو المنظمة أنها مرغوبة ومناسبة وضرورية.
وحسن إدارة هذه الشبكات يعني حسن التعامل مع الوسطاء والمتبرعين، كما أن موقع الوسيط في الشبكة هو الذي يحدد الخدمات التي تقدم له من المنظمة ومستوى المعلومات التي عنده عن المنظمة.
وقد يكون بعض الوسطاء أهم من الناحية التسويقية من المتبرعين أنفسهم، مما يعني أنهم قد يكونون أكثر تأثيراً على المنظمة من المتبرع، كما قد يكون بعض الوسطاء متطوعاً، ومع ذلك أهم من كثير من الموظفين ويؤثر في المنظمة أكثر، ويوجد ذلك خاصة في المنظمات التي ليس فيها جهة تسويقية محددة، مما يعطي صلاحيات وسلطات واسعة لهذا الوسيط.
وليس في الصلاحيات أو السلطات التي تعطى للوسيط من ضير أو خطأ، بل حتى ليس في تأثيره على المنظمة من ضير إذا كان يحقق أهداف ورسالة المنظمة، لكن المشكلة تبرز إذا كان الوسيط يتصرف بشكل فردي، أو أن ثقافته ورسالته تختلف عن رسالة وأهداف المنظمة.
وإدارة هذه الشبكات خاصة عند تعقدها ليست بالعملية السهلة، ولذا تحرص المنظمات على عدم تعقد اتصالها بجماهيرها المختلفة، حتى تستطيع تحقيق أهدافها الرئيسية التي وجدت هذه الشبكات من أجلها، لأن المقصود من الشبكة الوصول إلى أهداف محددة مما يجعل السؤال التالي: " أي أنواع الشبكات أفضل ؟"، يتحول إلى سؤال من قبيل: " أفضل بالنسبة لماذا؟".
وعموماً تتعقد هذه الطرق والشبكات في حالات منها:
1- إذا كان المتبرع أبعد عن المنظمة.
2- إذا كان المتبرع من فئة خاصة.
3- إذا كبرت العملية التسويقية في المنظمة وتعددت وسائطها.
4- إذا كان عدد المسوقين المباشرين الذين يمثلون المنظمة قليلاً مما يعني الاعتماد على الوسطاء بدرجة أكبر.
5- إذا كان المسوقون غير معروفين لدى المتبرعين، أو أنهم حديثي عهد بتسويق المشاريع الخيرية.
6- إذا لم يكن لدى المسوق قدرة على تبسيط هذه الطرق والشبكات.
ولهذه الشبكات صور مختلفة منها الصور التالية:
الصورة البسيطة (بدون وسيط):
الصورة البسيطة مع وجود وسيط:
الصورة المركبة: 
الصورة المتسلسلة: وتتعقد كلما طالت السلسلة
الصورة المعقدة:
وتحتاج المنظمات إلى وضوح شبكات الاتصال عندها حتى تستطيع التعامل مع الوسطاء بما يناسبهم، فمن الخطأ التعامل مع وسيط أشبه ما يكون بحليف استراتيجي كالتعامل مع وسيط لمرة واحدة ومع متبرع واحد، كما أن من الخطأ التعامل مع وسيط قريب من المنظمة كالتعامل مع وسيط بعيد عن المنظمة.
3- أنواع الوسطاء وأنماطهم :
قطعاً ليس جميع الوسطاء فئة واحدة، وليس لكل فـئة الأنماط والخصائص نفسها، ولا التعامل معهم بطريقة واحدة، فهذه هي طبائع البشر وطبيعة العلاقات بينهم.
ويمكن تقسيم الوسطاء أكثر من تقسيم حسب معيار التقسيم الذي يبنى عليه، ولكل تقسيم فوائده من الناحية العملية في التعامل مع الوسطاء ميدانياً.
ومن المعايير التي يمكن تقسيم الوسطاء حسبها:
1- التطوع أو الأجر: فهناك فرق بين الوسيط الذي يأخذ أجراً من المنظمة على وساطته، سواءً كان هذا الأجر الذي يأخذه راتباً أو نسبة، وبين الوسيط المتبرع بوساطته وبين الوسيط إذا كان هو أيضاً متبرعاً للمنظمة.
2- بعد الوسيط أو قربه من المنظمة: سواءً كان هذا البعد والقرب في العلاقات التي سبق بيانها، أو كان هذا القرب والبعد في الثقافات والتصورات، فهناك فرق بين وسيط مباشر للمنظمة وبين الوسيط غير المباشر للمنظمة إذا كان هناك سلسلة وساطات متتالية، وفرق أيضاً بين من يتبنى رسالة المنظمة وبين من لا يتبناها.
3- المشاريع التي يكون وسيطاً فيها:  فبعض الناس لا يتوسط إلا في مشاريع معينة يهتم بها ويشعر أنها تشبع بعض الحاجات عنده، وبعضهم يتوسط في المشروع الذي تريده المنظمة أياً كان، وبعضهم يتوسط في المشروع الذي يريده المتبرع فقط.
4- حسب عدد الوساطات وديمومتها: فوسيط لمرة واحدة يختلف عن حليف استراتيجي للمنظمة ووسيط لمتبرع واحد يختلف عن وسيط في مدينة كاملة.
5- حسب جنس الوسيط رجلاً كان أو امرأة:  فوسائل وآليات وأعراف التعامل قد تختلف من الوسيط الرجل إلى الوسيط المرأة.
وبتداخل هذه التقسيمات يتضح تعقد أسلوب التعامل مع الوسطاء، إذ يجب مراعاة جميع ما سبق، ولكن يمكن وضع بعض السياسات لهذا التعامل وهو المبحث التالي.
4- سياسات للتعامل مع الوسطاء:
التعامل مع الوسطاء - كما تقدم - يحتاج إلى التفريق بين أصنافهم وأنماطهم المختلفة، ولكن يمكن وضع بعض السياسات العامة للتعامل معهم حسب أصنافهم، وذلك على النحو التالي:
1- ينبغي التعامل مع الوسيط المتطوع كالتعامل مع المتبرع سواء بسواء، فهو متبرع بوقته وجهده بالإضافة إلى المال الذي أحضره من المتبرع، وفي نفس الوقت ينبغي أن يعامل كمشارك في المنظمة وهو توازن يحتاج إلى انتباه .
2- ينبغي ألا يتحول التعامل مع الوسيط بأجر إلى نوع من المقابلة كالعمل الربحي، بل يؤكد على الإخلاص لله والتجرد، والتأكيد أنه ليس المقصود الربح فالعمل خيري ابتداءً، كما ينبغي أن يكون أجر الوسيط بأجر مخفي عن المتبرع حتى لا يفقد ثقته فيه.
3- تعتمد بعض المنظمات خاصة في الدول المتقدمة على شركات وسيطة لجمع المال بمبلغ مقطوع أو بنسبة ، وعند استخدام مثل هذه الشركات فيجب التأكد من سمعتها حتى لا يساء للمنظمة.
4- إعطاء نسبة للوسيط أقوى في الأثر من إعطاء مبلغ مقطوع، وأضعف في الولاء للمنظمة والتجرد للعمل، فينبغي تقدير الأمور بقدرها.
5- الوسيط المتطوع أكثر تأثيراً على المنظمة من الوسيط بأجر، وينبغي إكرامه بالحوافز المادية وغير المادية تنشيطاً وحفزاً له.
6- تبني رسالة المنظمة وثقافتها وأهدافها من الوسطاء يرفع من مستوى كفاءتهم جميعاً ومن مستوى كفاءة المتطوع أكثر، كما يقلل من مستوى التأثيرات السلبية للوسطاء على التسويق والمنظمة، ويرفع من مستوى التأثير الإيجابي على المنظمة.
7- كلما قرب الوسيط من المنظمة كلما كان تأثيره عليها أكبر، وأصبح لزاماً عليها أن تكسبه ثقافتها ورسالتها، وكلما بعد أصبح تأثيره أقل على المنظمة وتأثره بها أقل.
8- كلما كانت الرسالة التسويقية وشعاراتها أقوى استطاعت أن تنفذ عبر عدد أكبر من الوسطاء دون أن تفقد بريقها وقوتها، فإذا كانت المنظمة قوية تسويقياً تستطيع أن ينفذ تأثيرها وخدماتها إلى عدد أكبر من الوساطات في السلسلة المتتالية، واستطاعت أن تستفيد من تأثيراتهم الإيجابية على عملية التسويق في المنظمة.
9- إدارة سلاسل متسلسلة ومركبة ومعقدة يحتاج إلى نوع من الانفتاح في التعامل والصراحة والوضوح في المبادئ، حتى تزيد مكاسب التأثيرات الإيجابية وتقل خسائر التأثيرات السلبية.
10- تفعيل الوسيط بحيث يكون لأكثر من متبرع أو وسيط آخر يزيد من تعقد السلاسل مما يزيد من صعوبة إدارتها، لكنه يزيد من عدد الوسطاء والمتبرعين للمنظمة ويزيد من كفاءة استغلال الوسيط.
11- كلما كان الوسيط أكثر تبنياً لرسالة وثقافة المنظمة كان لزاماً على المنظمة أن تعطيه صلاحيات ومسئوليات أكبر، لأن تأثيره سيكون إيجابياً، وكلما كان أبعد عن رسالة المنظمة وثقافتها كان لزاماً عليها أن تكون حذرة في تمثيله المنظمة أمام المتبرعين.
12- ينبغي أن يعطى المتبرعون والوسطاء من المعلومات ما يجعلهم يتفاعلون مع قضايا المنظمة، لا مع القضايا التي تهم المتبرعين أو الوسطاء.
13- ينبغي توجيه الوسطاء للمشاريع التي تحتاجها المنظمة ليقوموا بعرضها على المتبرع، ولا تترك هذه القضايا دون تحديد أو بتحديد الوسيط نفسه.
14- ينبغي أن يكافأ الوسيط الذي يتفاعل مع قضايا المنظمة، ويكون هذا من المقاييس التي يقاس بها ولاؤه للعمل.
15- ينبغي التصدي -بل ربما إيقاف- الوسيط الذي يسوق للمنظمة ما لا تريده من المشاريع أو يسيء تمثيلها أمام المتبرعين.
16- يجب محاولة رفع مستوى ولاء الوسيط للمنظمة بشتى الوسائل والطرق الممكنة.
17- يجب الترقي بالوسيط حتى يكون وسيطاً دائماً بكفاءة عالية ثم عاملاً أو مشاركاً في مجالس إدارة الجمعية، ولا يحصل ذلك إلا بالتخطيط الجيد لمثل هذه الأمور، ومثل هذا الوسيط هو أفضل من يمكن أن يوظف في إدارة التسويق أوفي إدارة العلاقات العامة في المنظمة.
18- ينبغي تحذير المسوقين في تعاملهم مع الوسيط إذا كان امرأة في تجاوز المتعارف عليه من ثقافة المجتمع وأعرافه وفضائل الخلق.
19- يجب على إدارة التسويق التي تتعامل مع وسيطات فتح قسم للتسويق النسائي أو وضع من يجيد التعامل معهن دون أن يتأثر تأثراً سلبياً في تعامله معهن، كما يجب عليها تجهيز مواد تسويقية تتناسب مع النساء حتى يمكن أن تستخدمه الوسيطة مع المتبرعات.
20- من المستحسن إذا كانت الوسيطة امرأة أن يكون زوجها أو أخوها أو أبوها من الوسطاء كذلك، مما يسهل عملية التنسيق خاصة في المجتمعات المحافظة.
21- توزع المشاريع بحيث يأخذ الرجال ما كان أنسب لهم وتأخذ النساء ما كان أنسب لهن، فالمشاريع النسائية من المستحسن أن تسوق في أوساط نسائية بواسطة وسيطات.
22- وضع قنوات لتوصيل رسالة المنظمة للنساء اللاتي قد يكن أبعد عن المنظمة، خاصة إذا كانت المنظمة ليس لها فروع نسائية، مما يجعل حضورهن للمنظمة غير ممكن في بعض الأماكن المحافظة.
وعموماً تبقى هذه سياسات عامة في التعامل مع الوسطاء والحكم التفصيلي لكل وسيط مناط بخبرة المسوق وكفاءته وبشخصية الوسيط ووضعه وثقافته ونمطه.
هـ- تأثير المنافسين:
ليس هناك تعارض بين التكامل والتنافس، فالمنظمات الخيرية يكمل بعضها بعضاً، وتكمل هي بمجموعها مؤسسات المجتمع، وفي نفس الوقت يمكن أن تتنافس في الخير وتتسابق فيه، ولدراسة هذه القضية نحتاج أن نتأملها من عدة محاور :
1 - مفهوم التنافس في العمل الخيري:
لا شك أن مفهوم التنافس والتسابق يختلف هنا عن مفهومه في العمل الربحي، فما هو مفهوم التنافس أولاً ؟ ما هي وجوه الاختلاف بين التنافس الخيري والتنافس الربحي؟! وما هي وجوه التشابه ؟!.
إن التنافس من الطبائع التي جبلت عليها النفوس، كما أنه من الصفات الإنسانية التي تشحذ الهمم وترفع من مستوى الأفراد والمنظمات سواءً كانت ربحية أم غير ربحية.
ومن الصعب جداً وضع تعريف محدد لمصطلح المنافسة، نظراً لتنوع تخصصات الباحثين وتباين اتجاهات واهتمامات كل مجموعة منهم، ولكن يمكن تعريف التنافس والتنافسية: بأنها الاستخدام الهادف للموارد وفقاً لدرجة عالية من التفكير في السبب والتأثير المنتظم في نظام بيئة العمل الطبيعية، أو يمكن تعريفها: بأنها القدرة على الصمود أمام المنافسين بغرض تحقيق الأهداف.
ويلاحظ من التعاريف السابقة أنها تصلح أن تكون للمنظمات الخيرية كصلاحها لأن تكون للمنظمات الربحية، لكن المنافسة في العمل الربحي عادة ما تكون مرتبطة بالأرباح بشكل مباشر، بينما تكون - أو يفترض أن تكون - في العمل الخيري مرتبطة بالمبادئ والرسالات والأفكار أكثر من ارتباطها بالأموال فالمنظمات الخيرية ما قامت لتجمع أموالاً أكثر، بل قامت لتقدم للمجتمعات والأفراد خدمات أكثر، لكن مع ذلك قد تبقى حظوظ للنفس لدى المنظمات الخيرية والعاملين فيها لا يمكن إغفالها أو تناسيها.
ويمكن توضيح ذلك أكثر بذكر مظاهر التفاعل الاجتماعي، التي تمثل أنماطاً سلوكية جوهرية في حياة المنظمات والأفراد، وهي:
( أ ) التعاون: ويقصد به محاولة تحقيق أهداف مشتركة. وإدراك الفرد عدم قدرته على تحقيق الأهداف لوحده يعتبر الدافع الأساسي وراء محاولته التعاون مع الآخرين، مما يعني أن التعاون يكون - أحياناً - اضطرارياً لا اختيارياً.
(ب) المنافسة: وهو التفاعل الناتج من محدودية المتنافس عليه وندرته، فلو كان هناك وفرة في المتنافس عليه لما تم التنافس، ويمكن فهم المنافسة بالنظر إلى نفسية المباري في المباراة فمكسب خصمه يعتبر خسارة له.
(ج) الصراع:  وهو مظهر تنافسي، لكن يختلف عن التنافس بأن فيه محاولة لتحطيم الخصم والظهور عليه، بل - أحياناً - إنهاءه وتصفيته، وهو ليس ضرراً محضاً كما يبدو بل فيه مظهراً من مظاهر اقتلاع غير الصالح ومظهراً من مظاهر التوازن.
(د) التكيف أو التوفيق: وهو سلوك يلجأ إليه الأفراد وتلجأ له المنظمات في حالة حدوث تغييرات في البيئة المحيطة تجعل الصراع أمراً خطيراً على جميع المتصارعين، مما يجعلهم يلجؤون لسلوك وقتي يؤجل الصراع ويخفيه إلى حين، لكنه لا ينهيه ويلغيه.
(هـ) التقليد: لما يفعله الآخرون والتبعية لهم سواء كانوا أشخاصاً أم أفراداً، وسواء كان التقليد مقصوداً أم غير مقصود من المقلَّد أو المقلٌّد، مما يعني تنازل المقلد عن حب السيطرة أو عدم استطاعته ذلك.
وجميع المظاهر السابقة توجد في المنظمات الخيرية كما توجد في المنظمات الربحية، وربما - أحياناً - يتقلب أسلوب التفاعل من مظهر لآخر لأسباب طارئة على البيئة بصفة عامة أو على السوق بصفة خاصة أو لتغير وقع في أسلوب التفكير والرؤية، ويمكن تصوير ذلك كالتالي:
ويمكن تمييز التنافس في المنظمات الخيرية عن غيره من المنظمات الربحية بمميزات كثيرة، منها:
1- أن التنافس في العمل الخيري ميدانه الرئيس الأفكار والمبادئ، لا الأموال والمبالغ، بخلاف العمل الربحي.
2- نظرة المجتمع للتنافس في العمل الخيري تختلف عن نظرته إلى التنافس في العمل الربحي، ففي حين أن المجتمع يرحب بالتنافس الربحي بل ويدعو له تجد أن كثيراً من الناس يعتبر أن التنافس في العمل الخيري نوعاً من التنافس المذموم الذي يفسر بأنه حظوظ للنفس وبأنه تشتيت للجهود ، حتى وإن كان شريفاً يقصد منه إثارة الحماس وتقديم خدمات أكثر وأفضل للمجتمع.
3- تأثر نظرة العاملين إلى المنظمة أوالتنافس أيضاً، بالطريقة التي تنافس بها المنظمة وبنظرتها للمنظمات الأخرى وبرؤيتها لنفسها وللمنظمات الأخرى وطبيعتها الفكرية.
4- تأثره بالأغراض الشخصية الخفية أكثر من تأثر الأعمال الربحية التي يكون للأرباح فيها التأثير الأساس.
5- لا يوجد احتكار في العمل الخيري أو براءة الاختراع، وحتى لو وجد تضييق على تصاريح المنظمات الخيرية في بلد ما، فعادة ما تنشأ منظمات خيرية خفية أو غير مصرحة أو عالمية، مما يجعل احتمال دخول منافس جديد قوياً جداً.
6- لا يوجد -في الغالب- تمايز كبير في المنتجات النهائية من وجهة نظر المتبرع أو المتطوع ، فكفالة اليتيم مثلا تعتبر لدى المتبرع شيئاً واحداً لدى أي منظمة، وإن ميز المتبرع بين المنظمات ميز بينها بالشعارات لا بالحقائق، خاصة في ظل غياب الرقابة الاجتماعية من المجتمع ككل وضعف، وأحياناً انعدام المتابعة والرقابة الفعالة من الجهات المسؤولة عن العمل الخيري، وقلة الاهتمام لدى المتبرع أصلاً.
وتتأثر المنظمات الخيرية بالتنافس والمنافسة تأثراً قوياً، خاصة في ظل كثرة العرض وقلة الطلب وهشاشة العمل المؤسسي لدى هذه المنظمات بصفة عامة، وتقلبات وتحكمات المتبرعين، ويمكن أن ندرس هذه التأثيرات من خلال دراستنا، للخطط والاتجاهات التسويقية في المنظمات الخيرية، ومن خلال دراسة الميزات التنافسية التي تقدمها هذه المنظمات في تسويقها لمشاريعها.
2 -اتجاهات وسياسات وبيئة التنافس:
إذا أرادت منشأة تحليلاً كاملاً لبيئتها التنافسية فيجب عليه دراسة، ما يلي:
1- ضرورة تحديد السوق:  ويشمل تحديد نوعه وحجمه ومتطلبات النجاح المستقبلية ومؤشراتها وما شابه ذلك، وهناك أربعة أنواع رئيسية للسوق:
- سوق المنافسة الكاملة:  ويوجد به عدد كبير من المتنافسين، والمنتجات التي ينتجونها متشابهة.
- سوق المنافسة الاحتكارية:  ويوجد به عدد كبير من المتنافسين ومنتجات شبه متشابهة ويمكن دخول أي منافس.
- سوق احتكار القلة:  ويوجد به عدد قليل من المتنافسين كل منهم يتمتع بإمكانيات وحجم كبير ويعرف جيداً ما يفعله الآخرون.
- الاحتكار الكامل: حيث تعمل منشأة واحدة في السوق، ولا توجد أمامها أي قوة تنافسية أخرى.
ويمكن تلخيص المنافسة حسب أوضاع السوق بالجدول التالي:
جدول (3-1) : المنافسة في أوضاع السوق المختلفة
الاحتكار
احتكار القلة
المنافسة الاحتكارية
المنافسة الكاملة
أوضاع السوق
بعض الأبعاد الهامة
فريدة
لايوجد
شبه متشابهة
لا يوجد
تفرد منتجات كل مؤسسة
لا يوجد
قليل
متوسط
كبير
عدد المنافسين
لا يوجد
كبير
صغير أوكبير
صغير
حجم المنافسين
مسيطرة
قليلة
قليلة
لا توجد
سيطرة المؤسسة على السعر
 
وسوق المنظمات الخيرية منحصر في الأول والثاني غالباً، ولعل من أسباب ذلك الانفتاح العالمي وانهيار الحواجز بين الدول نتيجة التقدم الهائل في وسائل الاتصال، وبالتالي فعلى المنظمات الخيرية العالمية أخذ ذلك في الاعتبار عند قيامها بتخطيط عملياتها لتأكيد قدرتها على التنافس وتسويق مشاريعها في كل مكان في العالم.
2- تحديد المنافسين:  بدءاً من تقييم الأداء الكلي للصناعة، وتحديد الاختلافات بين المنشأة وبين المنافسين والمغريات البيعية والميزات التنافسية لكل منهم، ومعرفة معلومات موسعة عن المنظمات المنافسة، ولو كان ذلك بالاستخبارات التنافسية، وبالبقاء على صلة بالسوق الذي تتعامل معه، وقراءة كل النشرات المتصلة بالموضوع، وما إلى ذلك .
3- تقييم سياسات وبرامج المنشأة:  وتتضمن تحديد نقاط القوة والضعف في السياسة والبرامج التسويقية ومدى مواءمتها للسوق، وفحص بيئة المنظمة والأهداف والاستراتيجيات، وتحديد التغيرات التي طرأت على البيئة.
4- تحديد هيكل الخطة الاستراتيجية: لمواجهة المنافسة، وتحديد الاستراتيجيات التسويقية التي تريد المنظمة أن تمارسها. هذه الاستراتيجيات التي يمكن ممارستها في المنظمات الخيرية ليكون لها الريادة بين المنظمات الخيرية ويكون ما سواها من المنظمات تابعاً لها يقلدها ويحاكيها، ومن الأفضل أن تكون الأولى بدلاً من الأحسن كما ينص قانون الريادة التسويقية ، أو كما يقول المدير التنفيذي لشركة جنرال إلكترك: "عندما تكون رقم أربعة أو خمسة يصيبك التهاب رئوي إذا عطس رقم واحد". ومن هذه الاستراتيجيات:
- استراتيجية توسيع النطاق: بالبحث عن متبرعين جدد ووسطاء جدد، وتوسيع شبكات الاتصال بهم، وزيادة استخدام وسائل الإعلام، والبحث عن وسائل جديدة وخدمات ومميزات جديدة، بل ومناطق ودول جديدة للتسويق .
- استراتيجية حماية نصيب المنظمة في السوق: والبقاء في المركز الريادي أصعب من الوصول إليه -أحياناً-، ويتم حماية وضع المنظمة بالدفاع عن الوضع الحالي للمنظمة، وتعطي اهتماماً خاصاً للجوانب الضعيفة فيها، ويتعدى ذلك إلى الدفاع من خلال الابتكار والتوسع أو التخصص أومن خلال الهجوم على الأفكار المحاربة لها. وينبغي للمنظمة ألا تنجر إلى الهجوم على المنظمات الخيرية الأخرى التي توافقها في رسالتها، وينبغي أن تهتم المنظمة بمتبرعيها لكي تحمي نصيبها في السوق، وأن تتفنن في خدمتهم فهم لا يعلنون عن شكواهم في الغالب، حيث تشير الإحصائيات إلى أن 96% من المتبرعين غير الراضيين لا يعلنون عن شكواهم، و4% فقط من المتبرعين الغاضبين يمكن استعادة ثقتهم، وكل متبرع غاضب يخبر في المتوسط 13 شخص غيره بذلك -طبعاً من غير أفراد المنظمة-.
- استراتيجية زيادة المشاريع وتنويعها: لتوافق رغبات المتبرعين وتنوعهم، وبهذا تكون متواجدة في جميع مجالات السوق الخيري وميادينه ، مما يعني زيادة الأعباء الإدارية والتسويقية على المنظمة، ويجب ملاحظة أنه ليس دائماً زيادة وتنويع المشاريع يوصل للريادة، بل ربما كانت الريادة بالتخصص ، ونبذ كل ما من شأنه أن يجعلك الرقم أربعة أوخمسة في السوق مما يعني خدمة للمجتمع أكبر، فبنفس القدر الذي ينظر الناس فيه لك بأنك تركت عملاً خيراً يمكنك القيام به ينظرون إلى نجاحك وتميزك في مجال تخصصك.
كما ينبغي للمؤسسات الخيرية التعاون فيما بينها حيث أنه مطلب أساسي حثت عليه الشرائع، ويجب التأكد من أنه قد يكون الخلاف خلاف تنوع لا خلاف تضاد، وهنا تثار مسألة هامة في المنظمات الخيرية: هل يجب على المنظمة أن تشعر بالقلق حول نصيبها من السوق ؟! أو حول تعرض تفوقها للتهديد ؟! ولا شك أن الأصل أن المنظمة إنما أنشئت استجابة لحاجة الناس وللتعاون مع المجتمع كله بجميع منظماته في رسالة واحدة ولا بأس بالمنافسة لكن يفترض أن يكون على أساس خدمة المجتمع لا على ممارستنا التي اعتدنا عليها ويجب ألا تتحول المنافسة إلى نوع من أنواع الصراع.
وهذا يعني أن على المنظمة الخيرية أن تقود السوق في قطاع واحد على الأقل، إن لم يكن في جميع القطاعات في منطقتها، و إلا قد تكون تابعة لغيرها محاكية له، كما يعني أن تفاعل هذه القوى مع بعضها بعضاً يؤثر في مزيج المؤسسة بالكامل، مما يعني تأثيراً على جميع العمليات التسويقية.
كما لا بد من القول أنه على المنظمات الخيرية التي ترغب في المحافظة على رسالتها ومبادئها مراقبة سياساتها التسويقية وبيئتها التنافسية حتى لا تنجر إلى ممارسات من شأنها أن تؤثر على قدرتها التسويقية أو كفاءتها المنهجية.
3 - الميزات والفرص التنافسية في المنظمات الخيرية:
ظل سائداً ولفترة طويلة مفهوم الميزة النسبية مصاحباً لنظام المنافسة، ومع احتدام المنافسة ظهر مفهوم جديد وهو الميزة التنافسية ليكشف عن قدرة المنظمة على احتلال موقع الصدارة والسبق والريادة في مجال أعمالها، والفرق بينهما أن الأول نسبي بخلاف الآخر. كما أن الأول مجرد تكتيكات بينما الآخر استراتيجياً، كما يمكن ملاحظة أن الميزة النسبية قد تكون عند هذه المنظمة ومثلها عند تلك، أما الميزة التنافسية فأصحابها قلة، ويمتلكون الصدارة لمميزات لديهم لا يشبهها ما عند غيرهم.
يستطيع المستهلك أن يختبر السلعة الملموسة بسهولة، ولكن لا يستطيع المتبرع اختبار ما تبرع له بنفس السهولة لأنه أقرب إلى الخدمة منه إلى المنتج وهو أيضاً خدمة ليست مقدمة له حتى يشعر بها، مما يجعل إظهار الميزة التنافسية في العمل الخيري أصعب، حيث يصعب تحديد طبيعة الخدمة المقدمة للمرء، فما بالك بالخدمة التي يدفع قيمتها الشخص لشخص آخر قد لا يكون يعرفه.
وتظهر سمات الميزة التنافسية التي يمكن أن تقدمها المنظمات الخيرية فيما يلي:
1- الجودة الأعلى والمستمرة في التحسين والتطوير.
2- الوقت الأمثل في تنفيذ التبرع وطلبه.
3- العناية الأفضل والأشمل بالمتبرع والمتطوع والوسيط.
4- المرونة والتحديث الدائمين في التنظيم والعمليات والمنتجات.
5- العلاقة الفعالة بالمجتمع والوجهاء والمستفيدين.
6- التكلفة الأقل بما يحقق سعراً تنافسياً.
وبإمكان المنظمة أن تركز على أي واحدة أو أكثر مما سبق، وسيكون لهذا الاختيار أثره على جميع العمليات التسويقية داخل المنظمة.
ويمكن توضيح بعض هذه الآثار ودراستها بالتالي: 
1- الجودة الأعلى والمستمرة في التحسين والتطوير:  وهذا الخيار سيجعل المنظمة في التزام بمعايير صارمة في الجودة، كما سيجعل التسويق يركز على مفاهيم الجودة وعرض مظاهرها لدى المنظمة.
2- الوقت الأمثل في تنفيذ التبرع وطلبه: وهنا لا بد من سرعة إنجاز العمل وتقاريره والتغذية المرتدة للمتبرع، سواء في التنفيذ أو إخبار المتبرع بذلك، مع الاهتمام بتقصير الشبكات في الاتصالات والملاحظة الدقيقة لها.
3- العناية الأفضل والأشمل بالمتبرع والمتطوع والوسيط: برصد ميزانية للعناية بهم وجعلهم من أهم أعمال المسوق وبرامجه مع إعطاء عناية خاصة للمتبرعين والوسطاء الكبار.
4- المرونة والتحديث الدائمين في التنظيم والعمليات والمنتجات:  مما يجعل المنظمة في تغيير مستمر لهياكلها وعملياتها وبرامجها بما يتلاءم مع متطلبات السوق.
5- العلاقة الفعالة بالمجتمع والوجهاء والمستفيدين:  مما يعني مد الجسور مع جميع فئات المجتمع والاهتمام بالاتصالات الخارجية وشبكات الاتصال بتكثيفها وتقويتها وترميمها إن لزم الأمر.
6- التكلفة الأقل بما يحقق سعراً تنافسياً:  وهذا يعني الاقتصاد في الصرف وتقليص التكاليف التسويقية وغيرها، وحساب تكاليف المشروعات حساباً اقتصادياً دقيقاً، والتركيز على ذلك.
وعموماً ليس بين الميزات التنافسية السابقة أي تعارض، ولذا فمن الممكن أن تحاول المنظمة الوصول إلى جميعها وإن كان مثل ذلك صعباً جداً، لأن قدرة التركيز عند الجهاز التسويقي قد تقصر عن ذلك، كما يمكن ملاحظة أن ذلك يعني الاهتمام بتنمية ورفع مستوى جميع القدرات والموارد المتاحة للمنظمة، سواء كانت:
قدرة معلوماتية.
قدرة تنظيمية.
قدرة قيادية وإشرافية.
قدرة تسويقية.
قدرات تمويلية استثمارية.
قدرات بشرية.
ويمكن للمنظمة اليقظة استغلال هذه الميزات التنافسية وغيرها لخلق فرص تسويقية لها. ولا شك أن ذلك عملية ليست باليسيرة، ولكن يمكن أن يحصل ذلك من خلال استغلال ثلاث مواقف تنشأ منها فرص تسويقية:
1- عرض مشاريع مطلوبة جماهيرياً:  مثل ما إذا كانت هناك قضية مثارة عند الرأي العام كقضية كسوفا أو البوسنة والهرسك أو الشيشان أو فلسطين عندما تثار إعلامياً أو قضية محلية كزلزال أو جائحة أو مرض منتشر أو ما شابه ذلك، والناس يتفاعلون مع قضية الساعة الراهنة أكثر من تفاعلهم مع القضايا طويلة الأمد، وهذه فرصة للمنظمة الخيرية للتعرف على المتبرعين والوسطاء ومد الجسور معهم للاستفادة منهم في القضية المثارة وفي غيرها، كما أنها فرصة للتعريف بنفسها وبرامجها وإنجازاتها.
2- عرض مشروع موجود ومعروف بأسلوب جديد راق:  كأن يعرض مشروع خيري معروف بقالب جديد، كالجمع لمشروع وقف خيري بتقسيمه أسهماً على غرار شركات المساهمة، أو وضع محفظة خيرية يتم التوزيع منها على عدد من المشاريع ، أو تقسيط الدفع على المشروع إلى عدة دفعات مجدولة أو تغيير في مسمى المشروع وشعاره، أو تغيير طريقة عمله وتنفيذه، أو غير ذلك ، والفكرة في ذلك هي الاستماع للمتبرعين والوسطاء ومعرفة الإشكاليات التي تمنعهم من التبرع والمتناقضات الموجودة لديهم للوصول إلى طريقة عرض جديدة، وما أحب الناس لكل جديد !!.
3- عرض مشروع جديد أو خدمة جديدة: ويمكن التعرف على المشاريع الجديدة التي من الممكن أن يطلبها المتبرع من المتبرعين والوسطاء مباشرة بالحديث معهم وسماع اقتراحاتهم، إلا أن المتبرع والوسيط لا يمكن أن يعرف في الغالب كل ما يريد، فلم يكن الناس مثلاً يعرفون سابقاً أنهم يحتاجون لمسجلات أو فيديو حتى وجدت، مما يجعل على المنظمة عبءً كبيراً في النظر إلى الاحتياجات التي يطلبونها، والنظر إلى التركيبة النفسية والعقلية والاجتماعية لهم، ثم بعد ذلك يأتي الجهد الابتكاري، وذلك يتطلب أن يكون لدى المسوق القدرة على السماع من المتبرعين بنفسية منفتحة، والتعاطي مع أفكارهم بجدية أكثر، بل وتشجيعهم على الاقتراح والتفكير، ولن يتفاعل أحد مع مشروع أكثر مما يتفاعل صاحب الفكرة والمشروع معها.
مثل هذه الأمور والتصورات التنافسية قد تفرض على المؤسسة الخيرية بعض الأمور، مثل:
( أ ) الدخول في مشاريع لا تريد أصلاً الدخول فيها لكن تضطر للدخول فيها، نظراً لأنها مطلوبة جماهيرياً، ولا بأس في ذلك إذا كان لا يتعارض مع أهداف المنظمة ورؤيتها لنفسها، لكن ينبغي الحذر من تقلبات الأهداف والرؤى على حسب أهواء وظروف المجتمع المحيط بالمنظمة.
(ب) التركيز على الابتكار والتجديد والسماع للمتبرعين والوسطاء والعيش معهم والاهتمام بآرائهم، بحيث تكون المنظمة في وسط السوق الخيري تشعر بنبضه واحتياجاته.
(ج) الاستفادة من التنافس في زيادة تماسك المؤسسة، والحذر من أن يؤدي ذلك إلى التنافر والنزاع الداخلي بين إدارات المنظمة وأفرادها.
(د) وضع نظام لحث المتبرعين والوسطاء على الاقتراح، وآلية لجمع هذه الاقتراحات لتكون في مكان واحد ولا تضيع خلال شبكات الاتصال.
(هـ) معرفة القدرات الموجودة في المنظمة ومحاولة تنميتها واستغلالها استغلالاً جيداً.
(و) معرفة قدرات الشركات المنافسة ومشاريعها وابتكاراتها وسياساتها، والاستفادة منها.
(ز) التخطيط لخفض قيمة المشاريع مقارنة بالقيمة المعروضة من المنظمات الأخرى.
(ح) التأكيد على الجودة وبرامجها، في جميع مجالات المنظمة ووضع برامج لإظهار هذه البرامج وآثارها للمجتمع.
(طـ) التعامل بحكمة مع المنظمات الخيرية الأخرى بحيث يبقى التعاون والتنافس الشريف هو الأصل في ذلك،ولا ينقلب إلى نوع من التحزب والتصارع فيما بينها.
(ي) الحرص على السرعة في العمليات التسويقية والتنفيذية، والحرص على السبق إلى قيادة السوق من جميع النواحي.
وأخيراً: كثيراً ما تحيى منظمات خيرية بسبب المنافسة التي تصقل همتها وتقويها، وتقوي التماسك الداخلي بين أعضائها، وتحسن من جودة عملياتها وسرعتها وترابطها، وكثير ما يكون التنافس سبباً في غياب الرؤية والبعد عن الرسالة، بل والتخبط والارتجالية والتبعية لجهة أو لأخرى، لذا كان لزاماً الاهتمام بأن يسلط الوعي على هذه الآثار حتى نستفيد منها ولا تكون وبالاً على منظماتنا من حيث نشعر أولا نشعر.
و- تأثير المستفيدين
إن جميع ما ذكر وما لم يذكر عن المنظمات الخيرية يصبح عديم الجدوى ما لم يستفد منه المستفيد النهائي الذي أقيمت المشاريع وسوقت من أجله، بل من أجله وجدت هذه المنظمات أصلاً، فينبغي ألا يكون وجود المنظمات الخيرية نوع من الترف والمباهات بين الناس بل يجب أن يكون وجودها مرتبطاً بخدمة المستفيد النهائي وحاجياته المختلفة، فعلى المنظمات الخيرية أن تفكر فيما لو كانت هي المستفيدة، كيف سترغب أن تكون مشاريعها، وما هي مواصفاته. ويمكن دراسة ذلك من عدة أوجه :
1- مفهوم المستفيد في العمل الخيري:
وعادة ما يذكر لفظ المستفيد في منظمات الخدمات لا في منظمات السلع حيث يستبدل بلفظ مستهلك، وعموماً منظمات العمل الخيري تقدم خدمات وأمور ملموسة، وإن كان يغلب عليها تقديم الخدمات أكثر من السلع ولذا استخدمنا تعبير المستفيد، ولم نستخدم تعبير المستهلك، وإن كان الأمور تتشابه إلى حد كبير في منظمات العمل الخيري.
وتحديد المستفيدين من المشروع خطوة من خطوات البدء وعملية مستمرة طوال المشروع، إذ أن بعضهم لا يظهرون إلا عند التنفيذ وبعضهم في نهاية المشروع، ثم ينبغي تحديد الأهمية النسبية لمختلف المستفيدين، ومقدار تأثيرهم على المشروع.
كما أن المستفيد في منظمات الخدمات الربحية هو الذي يدفع ثمن الخدمة، بخلاف ما يتم في المنظمات الخيرية، إذ أن المستفيد ربما - بل غالباً - ما يكون ليس هو الذي دفع تكلفة الخدمة المقدمة له على الأقل لم يدفعها بالكامل، بل كثيراً ما يكون لا يعرف من دفع تكلفة الخدمة المقدمة له، وربما كان الذي دفع تكلفة البرنامج الخيري في منطقة أو دولة والمستفيد في دولة ومنطقة أخرى.
نتج عن ذلك أن هناك طرفان تتعامل معهما المنظمة لإقامة مشاريعها، فهي تتعامل مع المتبرع برغباته ورؤيته وانطباعاته، وتتعامل مع المستفيد النهائي برغباته واحتياجاته التي قد تختلف عن رؤية المتبرع واحتياجاته، بل ربما تتضاد معها، كل ذلك يتفاعل مع رؤية المنظمة لنفسها ولعملها وأهدافها من إقامة مثل هذا البرنامج الخيري، مما يجعل تفاعل هذه الأمور الثلاثة معقداً جداً.
ويمكن تصوير هذه العلاقة بالشكل التالي:      
ويمكن تناول تأثير المستفيد على تسويق المشاريع الخيرية من خلال توضيح العلاقة بين المستفيد والمنظمة وحاجات المستفيد ، وهذا ما سنتناوله ونتطرق إليه في المباحث التالية.
2 -طبيعة العلاقة بين المستفيد والمنظمة:
هناك أنواع من العلاقات بين المستفيدين والمنظمات الخيرية يمكن التمييز بينها، منها:
( أ ) العلاقة التفاعلية البعيدة أو القصية: ويحدث ذلك إذا كانت المنظمة تقدم برامجها للمستفيد من خلال وسيط، كأن يكون جمعية خيرية أخرى، أو من خلال مؤسسات أخرى، كما يحدث أن تقدم المنظمة الخيرية للفقير بطاقة تموين تصرف من بعض المحلات التجارية، ولا يأتي المستفيد للمنظمة الخيرية إلا في نهاية السنة لتجديد البطاقة التموينية، أو ما شابه ذلك.
(ب) العلاقات التفاعلية المباشرة والشخصية:  حيث يكون المستفيد على اتصال مباشر وشخصي مع المنظمة، فيتفاعل معها مباشرة بصفته الشخصية.
(ج) العلاقات التفاعلية القريبة غير المباشرة:  حين يكون المستفيد على علاقة بالمنظمة ولكن ليس بشكل مباشر، كتفاعل المنظمة مع طلاب المدرسة أو المعهد أو المركز الخيري، وتفاعل المنظمة مع ولي أمر اليتيم وما شابه ذلك.
كما يمكن تصنيف هذه العلاقات إلى:
- علاقات طويلة الأمد.
- علاقات قصيرة الأمد.
وطبيعة تصنيف هذه العلاقة ينطبع على قوة تأثيره على المنظمة وبرامجها وتسويقها.
فإذا كانت العلاقة أقرب وأكثر في المباشرة وأطول تفهمت المنظمة حينها حاجات المستفيدين ، وكان ضغط المستفيدين عليها أكبر، وإذا بعد المستفيد أو كان التعامل معه غير مباشر كان أبعد عن التأثير، وكان تفهم المنظمة لاحتياجاته أصعب وأقل.
ويمكن توضيح خواص العلاقة بين المنظمات والمستفيدين بذكر أبرز خواص هذه العلاقات:
( أ ) العلاقة التفاعلية الهادفة: فالاتصال بين المنظمة والمستفيد غالباً ما يحصل لغرض معين ومن أجل أن يحقق كل طرف فيه هدفا محددا من الأهداف التي وجدت من أجلها العلاقة ، ويندر أن تجد أن هناك اتصالا غير محدد الهدف، كالزيارة للسلام أو للتعرف على الاحتياجات بصفة عامة.
(ب) أن مقدمي المشاريع الخيرية غالباً ما يكونون أكثر تعاطفاً بصدق، إذ لا ينتظر أحدهم مقابلاً على خدماته وبرامجه التي يقدمها للمستفيد، ويأسف الباحث أحياناً أن يجد بعض مقدمي البرامج الخيرية أقل عناية بالمستفيد واهتماماً باحتياجاته لأنهم لا يرجون منه شيئاً، ولا يكون ذلك عادة إلا من الموظفين الذين لا يستشعرون العمل الخيري ولا يتبنون أهدافه ورسالته.
(ج) أن العلاقة في الغالب يمكن أن يطلق عليها علاقة الغرباء، حيث تتم هذه العلاقة في إطار من القيود والمحددات، مما ينتج عنه أن المستفيدين قد يفصحون عن معلومات تفوق بكثير تلك التي تحكم علاقاتهم الاجتماعية الأخرى، كما يفصح المريض - أحياناً- للطبيب عن معلومات شخصية لم يبدها حتى لأقرب الناس له.
(د) أن المعلومات ذات العلاقة بالمهمة غالباً ما تستحوذ على الجزء الأكبر من العلاقة والحديث عند اللقاء.
(هـ) أن العلاقة عادة ما تكون محدودة الأفق والأبعاد: ولا تتعدى المهمة إلى آفاق أخرى، فلا تتعدى العناية بالمريض العناية بمرضه إلى مستوى تعليمه مثلاً.
3 -حاجات المستفيدين:
إذا كانت العلاقة مباشرة وشخصية أكثر تمكنت المنظمة من معرفة حاجة المستفيد أكثر، كذا إذا كانت المنظمة أكثر معرفة بحاجات المستفيد، فإنه يكون لذلك أثراً واضحاً في برامجها التي تسوقها.
لحاجة المتبرع مع المستفيد مع رسالة المنظمة وأهدافها أحوال خمسة هي:
1- أن تتوافق توقعات المنظمة مع المستفيد مع المتبرع: وفي هذه الحالة يمكن إرضاء جميع الأطراف، ويسهل عملية تسويق المشروع وتنفيذه، وعادة ما تعلن الشعارات والأهداف ويكثر الحديث عنها وينص عليها في جميع العمليات التسويقية للمنظمة.
2- أن تتوافق توقعات المنظمة مع المستفيد دون المتبرع: وفي هذه الحالة تضطر المنظمة إلى أن تذكر للمتبرع الكلام العام، مما يفقد أقوالها وشعاراتها وتصرفاتها أثرها على المتبرع، وفي الغالب أن تخسر المنظمة المتبرع ولو بعد فترة ما لم تستطيع أن تؤثر في ثقافته ورؤيته وقناعته، فالحقيقة تظهر عاجلاً أو آجلاً، وينبغي ألا تعامل المنظمة المتبرع وكأنه يتبرع مرة واحدة ثم يختفي إلى الأبد، بل يجب أن تبذل وسعها في الوصول إلى توقعاته وأفضل منها، وعند ذلك يعود المتبرع مرة بعد أخرى.
3- أن تتوافق توقعات المتبرع مع المستفيد دون المنظمة: مما يجعل المنظمة تحت ضغط غير عادي، خاصة إذا كان المتبرع يعرف المستفيد ويقابله، فتضطر المنظمات إلى أن تغير من خططها وأهدافها وقد تفقد هويتها أو تتنحى عن المشروع وتتركه لغيرها أو تبحث عن مستفيدين ومتبرعين آخرين، أما إذا كان المتبرع لا يعرف المستفيد ولا يقابله ككثير من المشاريع الخيرية فيؤول الأمر إلى أن يأخذ صفة ما قبله وما بعده، فهي تفقد المتبرع مع المدى ما لم تغير ثقافته ورؤيته، وقد تشوه سمعتها من أثر غضب المستفيد.
4- أن تتوافق توقعات المنظمة مع المتبرع دون المستفيد: وعند ذلك تسهل عملية التسويق إذا كان المتبرع لا يعرف المستفيد، أما إذا كان يعرفه فيكون الصراع بين المستفيد والمنظمة حول تثبيت قناعات المتبرع أو تغييرها، وقد يشعر المستفيد أن المشروع لا يحقق حاجاته وأنه لا يُسمع له، مما قد يجعله يثير سمعة سيئة عن المنظمة تضر بها وبتسويقها لمشاريعها.
5- ألا يكون هناك توافق في التوقعات من الأطراف الثلاثة: فإن حدث ذلك فالأولى بالمنظمة بدل تسويق هذا المشروع أن تتوجه بنشر ثقافتها وتوضيح رسالتها والبحث عن مشروع آخر أو متبرعين ومستفيدين آخرين بدلاً من أن تضيع وقتها في محاولة التوفيق بين أفكار متصارعة لأنه يجمع مشكلة الثاني والرابع، مما يعني فقدان المتبرع وسمعة سيئة للمنظمة.
ويمكن تصوير ذلك بالشكل التالي:
مما يعني أن على المنظمات تلمس حاجات المستفيدين وإرضائهم من أجل تحقيق عدة أمور تسويقية
1- السمعة الحسنة في المجتمع، مما يؤدي إلى القدرة العالية على التسويق في المجتمع.
2- رضا المتبرع في الغالب إذ أن الغالب التوافق بين الحاجات بين المنظمة والمتبرع والمستفيد.
3- الدعاية المجانية لبرامجها من خلال المستفيدين والحفز القوي للعاملين وللوسطاء وتقوية وترميم شبكات العلاقات مع المجتمع بصفة عامة والمتبرع بصفة خاصة.
ويتم رضا المستفيد من خلال فهم احتياجاته والسعي فيها، ومن خلال عدة أمور أخرى منها.
1- أن يكون هناك رصيد من الثقة بين المنظمة والمستفيد وإبراز الجانب الخيري للمنظمة وسعيها في حاجة المستفيد وأنها ما وجدت إلا لذلك، وعدم الدخول في مهاترات قد تذهب المصداقية أو تصور للمستفيد أن المنظمة تستفيد من هذه الأعمال الخيرية، مثل دخول المنظمة في أعمال أو مواقف سياسية حتى لا تفسر تصرفاتها على أنها لخدمة هذا أو ذاك التيار السياسي، مما يفقدها ثقة شريحة كبيرة من المتبرعين والمستفيدين .
2- إمداد المستفيد ببعض المعلومات عن البرامج التي ستقدمها له وتعليل ما يراه، حتى يتفهم موقف المنظمة، وحتى تتمكن المنظمة من صياغة تصوراته عن المشروع الذي سيستفيد منه.
3- توظيف عاملين ذوي مؤهلات عالية من حيث القدرة على التعامل مع الناس ، وتحمل مشاكلهم والعطف عليهم والصدق معهم وعدم النظر إلى حاجتهم إلا لسدها لا لاستغلالها، فالخدمة تتلازم مع مقدمها، ولا يمكن الفصل بين جودة الخدمة ومن يقدمها .
4- إبراز النتائج للمجتمع بصفة عامة وللمستفيدين بصفة خاصة واعتبار ذلك من أهداف المشروع، فالمستفيدون لا يصدقون ما يكتب إن لم يروه واقعاً أمام أعينهم أو سمعوه ممن رآه بعينه.
5- توفير بيئة مادية وأخلاقية اجتماعية جيدة: من خلال وضع برامجها واستقبال مستفيديها في بيئة مادية مدروسة ومناسبة، ومن خلال خلق بيئة أخلاقية واجتماعية جيده بين المستفيد والمنظمة.
6- عدم الضغط على المستفيدين فيما لا يريدون، وتقدير أضرار ذلك، ومقارنة هذه الأضرار مع أضرار إخلالهم بما لا يريدون ولا يرغبون فيه وترغب فيه المنظمة.

 

44989


كلمات دليلية: