أي؛ الشخص نفسه، فكل الجهود التسويقية تقوم على تسويق مُنتَج جيد، وفي تسويق الشخص لنفسه يكون هو المُْنتِج والمنتَج في آن واحد، ويكون الشخص هو عمدة التسويق وركيزته وحجر الأساس لنجاحه، وعندما نتحدّث عن الشخص باعتباره (المُنتَج)؛ فإنَّنا نتحدث عن ذاته الجسمية، وعن أخلاقه وصفاته، وعن منفعته، وعن مهاراته، وعن خدماته، وعن علاقاته وصلاته، وغير ذلك، ويمكن توضيح ذلك في ثلاثة مستويات:
أولًا: جوهر الشخص:
عند الحديث عن جوهر الشخص لا بد من الحديث عن عناصر القوة في أخلاقه وصفاته وجسمه، كما أنَّه لا بد من الحديث عن عناصر الضعف؛ لأنَّ عناصر القوة هي الركيزة الرئيسة في شخصيته وذاته التي سيسوقها، كما أنَّ عناصر الضعف هي أساس المعوقات التسويقية لكل المزيج التسويقي.
|
عناصر القوة:
هناك في كل شخص عناصر قوة تختلف عن الشخص الآخر، قال تعالى: {انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا}[الإسراء:21]، إلا أنَّ أهم عناصر القوة التي إذا توفرت في الشخص ساعدت ويسرت القدرة على التسويق: ما ذكره الله في الآيتين الكريمتين عن بني إسرائيل، وسبب جعلهم أئمة، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون}[السجدة:24]، وقوله تعالى عنهم -أيضًا- في قصة طالوت وجالوت لما سألوا: لماذا وُلِّيَ عليهم طالوتُ، وهم أحق بالملك منه؟! أجابهم الله على لسان نبيهم قائلًا: {وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيم}[البقرة:247]، فجمع في هذه الآيتين أهم الصفات التي يحتاجها القادة، وهي:
1- الصبر:
الصبر بوابة أي نجاح، سواءً كان تسويقًا أو غيره، إلا أنَّنا عندما نتحدث عن تسويق الإنسان لنفسه لا يمكن أن نتجاوز الصبر؛ فلا ينجح في تسويق نفسه من ليس لديه صبر، ولِعِظَمِ الصبر، قال تعالى: {قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب}[الزُّمَر:10]، وليس المقصود مجرد الصبر على تسويق الإنسان لنفسه فقط! بل هذا جزء من المقصود، وأهم منه أن يكون الصبرُ سجية للشخص في كل مناحي حياته، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ((وذلك هو سبب الإمامة في الدين كما قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُون}[السجدة:24]، فلابد من الصبر على فعل الحَسَن المأمور به، وترك السيئ المحظور، ويدخل في ذلك الصبر على الأذى، وعلى ما يُقال، والصبر على ما يصيبه من المكاره، والصبر عن البَطَر عند النِّعم، وغير ذلك من أنواع الصبر))؛ ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((وَمَا أُعْطِيَ أَحَدٌ عطاءً خيرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ))؛ ولذا لم يَسُدْ أحد ولم يَشْرُف إلا بالصبر،كما قال المتنبي:
#لا تَحْسَبَنَّ المَجْدَ تَمْرًا أنتَ آكِلُهُ
لَنْ تَبْلَغَ الْمَجْدَ حَتَّى تَلْعَقَ الصَّبْرَا#
وقال الآخر:
#لا ينالُ المجدَ إلا سيدٌ فَطِنُ
لِمَا يَشُقُّ على السَّادِاتِ فَعَّالُ
لولا المَشَقَّةُ سادَ الناسُ كُلُّهُمُّ
الْجُودُ يُفْقِرُ والإِقْدَامُ قتَّالُ#
وسُئل الشافعي -رحمه الله-: أيبتلى المرء خير له أم يُمكَّن؟ قال: (لا يُمكَّن حتى يبتلى