دروس من تحويل الأفكار إلى مشاريع


تفشل المشاريع رغم أننا نرى أننا قمنا بكل ما علينا!، ويندهش الناس لماذا فشل المشروع؟ أو - على الأقل - لماذا لم نحقق كل ما نصبو إليه؟، وفي مثل هذا الوقت تكون الفرصة كبيرة للتعلم والاستفادة من التجربة وبناء رصيد الخبرة؛ ولذا سنأخذ جولة في معطيات النجاح وأسباب الفشل، والأهم: الدروس المستفادة من ذلك.
أولاً: من معطيات نجاح المشاريع:
كثيرة هي المشاريع الناجحة، كما أنه - وللأسف- كثيرة هي المشاريع الفاشلة، فنجاح المشاريع يعتمد على كثير من المعطيات التي يجب توفرها أو توفيرها، ومن هذه المعطيات:
1- الشخص نفسه: ويتضمن فكره ونفسيته وجهده وعمله وهو غالب ما تحدثنا عنه في هذا الكتاب.
2- البيئة التي فيها المشروع: ويتضمن الأمور القانونية والتسويقية والكوادر والموارد المادية وما شابه ذلك مما تحدثنا عنه في الملحق عند حديثنا عن الدراسات وأنواعها كما تحدثنا عنه في كتاب سوق نفسك - تسويق الأفكار جولة بين العلوم.
3- قضايا كبرى تسيطر على الشخص وبيئته، وتتضمن:
أ- حكمة الله وقضاؤه: فأحيانًا يقضي الله على مشروع بالنجاح وأحيانًا يختار الله لعبده ما كان خيراً له - حتى ولو كان لا يريده -، يقول رب العزة تبارك وتعالى: }وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُون{(البقرة: 216)؛ ولذا كان لا بد من بذل المجهود ثم الرضا بالقضاء والقدر.
ب- دعاء الله: فسؤال الله تبارك وتعالى التوفيق والسداد، وصلاح أعمال الدنيا والآخرة، هو من أولويات الإقدام على الأعمال والقيام بها، تسبقه النية الخالصة لله تبارك وتعالى، والدعاء هو أحد الأسباب الرئيسة لنجاح المشروع، إلى جانب الأخذ بأسباب النجاح والتفوق، قال تعالى: }فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا (12){ (نوح: الآيات 10، 11، 12)، لذلك ذكر العلامة ابن القيم في كتابه -الوابل الصيب- في الفصل الثامن عشر: أن الاستغفار، ضمن الأذكار الجالبة للرزق، الدافعة للضيق والأذى.
جـ- التوكل عليه سبحانه: فالتوكل على الله وتفويض الأمر إليه سبحانه، وتعلق القلوب به جل وعلا من أعظم الأسباب التي يتحقق بها المطلوب ويندفع بها المكروه، وتقضى الحاجات، وكلما تمكنت معاني التوكل من القلوب تحقق المقصود أتم تحقيق، قال تعالى:}وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ{ (الطلاق: 3).
ثانيًا: من أسباب فشل المشروعات:
كل تجاوز لشيء من معطيات النجاح هو نوع من الفشل بل وبوابة كبيرة للفشل في المشروع، وسنحاول هنا أن نعدد أدوارًا أخرى من أسباب الفشل للتذكير بها:
1- من الأسباب الفكرية:
كل تجاوز لعمليات الفكرة وكتابتها وإنضاجها وتقييمها ودراستها وغير ذلك مما سبق معنا هو من الأسباب الفكرية لفشل أي مشروع بلا شك، كما أن كل تقصير في معطيات نجاح المشروع السابقة يشكل سبباً من أسباب الفشل بلا شك أيضاً.
إلا أننا هنا سنتجاوز إعادة ما ذكر سابقًا لنركز على نقاط تفشل مشاريعنا ونحن لا نعلم، منها:
أ- انتظار اكتمال المعلومات أو الأمان الكامل: فلن يبدأ في المشروع إلا بأمان كامل وتأكد من اكتمال المعلومات، وهذا في حقيقته ناتج عن تردد وخوف؛ إذ إن المعلومات نادراً ما تكتمل، والأمان الكامل لا يحصل في هذه الدنيا في مشروع البتة، فهذه طبيعة الدنيا وهذه طبيعة المشاريع.
ب-  الدرب ولو طالت: التقليد السيئ لمشاريع قائمة، فتأخذ دراسة مشروع سابق، أو فكرة مشروع سابق، أو طريقة مشروع سابق، ويصر من يفعل ذلك أن هذا هو الدرب وهذا هو الطريق حتى لو طال، ولا ينتبه أن الدراسة والفكرة والطريقة السابقة معدة وصالحه لصاحبها وقد لا تكون كذلك لآخر، وأن الوقت والبيئة التي كانت فيها هذه الأفكار والدراسات ليست فيها الآن.
جـ- قيمة مضافة وهمية: يعتقد بعض الناس أن مشروعه فيه قيمة مضافة جديدة تختلف عن المشاريع السابقة، ويعتقد أن هذه القيمة تجعل الإقبال عليه كبير، ويفاجأ أن القيمة المضافة وهم في ذهن صاحبها لم يحررها وإنما خدع بها نفسه، وأن فكرته ومشروعه نسخة مكررة لا جديد فيها.
د-  العميل ثانيًا: فيوجه المشروع لخدمة غير العميل!، فبدلاً من أن يكون العميل أولاً يصبح العميل ثانيًا، وعادة ما يكون هذا بسبب ضغوط الممولين وضغوط الشركاء أو بسبب أنه وضع نفسه أولاً!!، ومالم يتوجه المشروع للعميل أولاً فلا شك في فشله، فأهم عميل لمشروع لحلقات تحفيظ القرآن هو طلابها، ولمشروع بيع منتجات مشتروها وهكذا..
2- من الأسباب العملية:
أ- دراسة خادعة: وهو أمر وارد، أن تجري دراسة جدوى لمشروعك، تتضمن نسب خاطئة أو نتائج غير صحيحة عن فكرة المشروع وأبعادها؛ لذلك ينبغي تحري الجهة التي تنفذ الدراسة، ومدى كفاءة أفرادها، وكذلك التأكد من وضوح الفكرة وأبعادها، ووصولها بكافة تفاصيلها إلى القائم على دراسة الجدوى، ومدارسته في جوانبها المختلفة - لو تطلب الأمر - دراسة عميقة وجادة.
ب- بدون فريق وبدون بطل: العمل الفردي يؤدي إلى نتائج ضئيلة وتزيد فيه نسبة المجازفة لقاء مكاسب صغيرة تكون هي المكافئ المنطقي لجهد رجل واحد فقط، بينما العمل ضمن فريق يوسع مجال المشروع ويغطي احتياجاتها ويزيد من فرص نجاحه نتيجة تضافر الجهود والتنسيق القائم على أسس سليمة، فالعمل الجماعي هو الأصل في نجاح المشروع، وكلما زادت نسبة التوافق بين الفريق، مع وضوح الأهداف وتوحد الرؤى، كلما زادت نسبة نجاح المشروع.
من جانب آخر، فإن الفريق لابد له من - بطل- أو قائد، يعمل على توحيده، وحشده وقيادته في طريق تحقيق الهدف من المشروع؛ حيث الفريق من دون قائد، تتوافر فيه سمات البطولة - بالمعنى الرمزي - يعرض المشروع للخطر، ويهدد بالتشتت وهدر الجهد والوقت والمال، وذلك البطل لابد أن يكون أكثر أعضاء الفريق إيمانًا بالمشروع وفكرته وهدفه، إضافة إلى توافر سمات القيادة والرؤية الثاقبة والقدرة على تحقيق الأهداف والوصول إلى الغايات، فإن كان هذا الشخص هو صاحب الفكرة التي يريد أن يحولها لمشروع وإلا وجب على صاحب الفكرة أن يصنعه صناعة فهذا من أهم المهمات التي على صاحب الفكرة ليحولها لمشروع.
ثالثًا: دروس مستفادة:
1- دروس نفسية:
أ- احذر الخوف والتردد: وهما من أسباب الفشل الكلي في الحياة، وليس في عالم المشاريع فحسب؛ لذلك يجب أن تقاتل خوفك وتغالب ترددك، وذلك يكون عن طريق عدة عوامل، أهمها اليقين بالله عز وجل والثقة بما عنده، والاعتماد عليه في كل شؤون الحياة، وسؤاله التوفيق والسداد، ثم الأخذ بأسباب النجاح، وثق في }إِنَّ اللّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِين{ (التوبة: 120).
ب- لا تستسلم لليأس: فاليأس شيطان لا يتملكك إلا حين تغفل عن اللجوء إلى الله تبارك وتعالى، والإحباط لا يجدك فريسة سهلة إلا حين تظن أن فشل المشروع - كليًا أو جزئيًا - هو نهاية العالم؛ لذلك يجب على الدوام أن تتمسك بحبل الله ولا تقنط، }قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّون{(الحِجر:56)، ثم استعن بالصبر، }يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِين{(البقرة:153)، ثم ابدأ مرحلة التدبر والتفكر في أسباب وعوامل الفشل، وتعامل مع الأمر على أنه تجربة مفيدة، تكشفت خلالها أبعاد لم تكن تراها، واكتسبت خبرة تفيدك في مشروعك الجديد أو في إصلاح مشروعك الحالي وتداركه.
جـ-  تجاوز المشكلات النفسية: فنفسية صاحب المشروع تنعكس لا شك على تركيزه وقدرته على التفكير وبذل الجهد الذهني والعملي على حد سواء؛ لذلك كلما نجح في معالجة مشاكله النفسية، وتخلص من عيوبه الملحوظة، كلما تقدم في حياته بشكل عام، وفي عمله بشكل خاص، فانعدام الثقة بالنفس على سبيل المثال يصنع مديرًا ضعيفًا يقود المشروع للفشل، وعقلية الندرة ثم البخل والشح كذلك يعجل بالمشروع، وغيرها من العيوب النفسية المؤثرة.
2- دروس فكرية:
أ- الرسالة: الجانب الرسالي في المشروع هو المنارة التي تحث وتحمس العاملين، وكلما زاد البعد الرسالي في المشروع زاد تفاني العاملين في العمل، والأرباح هي ثمرة المشروع وكلما زاد التركيز على الأرباح زاد تململ الناس من العمل إذ إن الناس لن يعملوا ليزيدوا رصيد المالك بلا بعد رسالي، ولذا تمتاز المنظمات الخيرية بجرعات كبيرة في الجانب الرسالي - وللأسف - ضعف في تحديد وحساب الأرباح والمحاسبة عليها، وتمتاز كثير من الأعمال التجارية بجرعات كبيرة من التركيز على الأرباح وغياب البعد الرسالي، مما يجعل المطلوب من العاملين زيادة مكاسب صاحب العمل!، ولا بد أن تحاسب المنظمات الخيرية أفرادها على العوائد والأرباح كما أنه لا بد أن يكون هناك بعد رسالي وخدمات مجتمعية لكل المشاريع التجارية.
ب-  وضوح الرؤية: بدون رؤية، لا يوجد هدف، بالتالي لا تستطيع البدء بمشروعك دون رؤية متكاملة، تلم بكافة التفاصيل، وتراعي أبعاده، وتدرس احتمالاته، والتخطيط النظري بشكل عام، من أولويات البدء، غير أنه يظل غير قابل للتطبيق في حال قصور الرؤية أو محدوديتها، فكثير من المشاريع للأسف ليس لديها رؤية تلهم قائدها والعاملين فيها فتتحول لمجرد أعمال ووظائف فقط.
جـ-  التقليد الأعمى: يؤدي التقليد الأعمى في الغالب إلى عرقلة الفكرة عند التنفيذ؛ لأن التقليد يعتمد الشق النظري القاصر، الذي قد يرى في فكرة ما، لدى الآخرين، أنها مناسبة له لمجرد أنها ناجحة وتجني ثمارًا جيدة، دون النظر والتفكير في أسباب نجاحها وتميزها. عليك أن تعرف أن ما يصلح لغيرك لا يشترط أن يصلح لك، وإنما كل تجربة تحققت لها عوامل شتى، وطبيعة مختلفة.
د- القيم والمزايا الحقيقية: فالبحث عن القيم والمزايا الحقيقية لفكرة المشروع، هو أول العناصر التي تكفل نجاحه عند التنفيذ، بعيدًا عن أوهام القيم المضافة التي قد لا تمثل شيئا حقيقيًا يضيف لفكرتك ولمشروعك، وكلما تعاظمت القيمة وتفردت، كانت أحد الأعمدة الأساسية لنجاح المشروع وتميزه، وقيام المشروع ونجاحه يعتمد على القيم المضافة التي يقدمها المشروع ومنتجاته فإن كانت تشبه المنتجات الأخرى تماماً وليس فيها أي نوع من التفرد الحقيقي لا الوهمي ظهرت الحقائق سريعاً.
هـ- ترتيب الأولويات: وأولى الأولويات تتمثل في التخطيط السليم، الذي يجمع كل العناصر السابقة، من وضوح الرؤية، والعمل ضمن فريق، على صعيد الشق النظري والتنفيذي، إضافة إلى الاهتمام بالقيمة المضافة في المشروع، والبعد عن التقاليد والأنماط المستهلكة.
3- دروس عملية:
أ-  توظيف السمات الشخصية: وهي تتعلق بالجانب النفسي والفكري، وتنعكس بشكل مباشر على نجاح المشروع من عدمه، سواء في مرحلة التخطيط والتنظير أو التنفيذ، فكلما استخدم الناس عناصر قوتهم وسماتهم الأقوى كانوا أقرب للنجاح، على نحو ما ذكرنا.
ب- لا تكن بطيئاً ولا سريعاً وكن حكيماً: مشكلة السرعة والإنجاز أنها نسبية!، فالمشروع يحتاج إلى 3 سنوات لتأسيسه حسب تصور شخص بينما يحتاج ل 6 أشهر لتأسيسه حسب تصور شخص آخر!، فأيهما الصحيح وأيهما المخطئ هل الأول بطيء أم أن الثاني متعجل، كلما كان الإنجاز أسرع كان أفضل بلا شك، وكلما كان العمل أجود كان أفضل بلا شك، فإن كان البطيء لا يصاحبه جودة وتحسين فلا شك أن الأسرع أفضل بلا شك، وإن كانت السرعة تعطي نتائج سيئة غير مقبولة فالبطيء أفضل ولا شك، والحكمة أن يوازن الإنسان ويحاول أن ينجز في أسرع وقت بأفضل جودة، وهذا ممكن لمن يسره الله عليه، وأغلب ما في هذا الكتاب للوصول لذلك، فإن لم يمكن فليحدد القيمة المضافة للتأخر وهل تستحق الجودة المضافة الوقت المصروف عليها أم لا؟.
جـ- التعاون والتكامل: فلا تكلف نفسك فوق طاقتها وتحمل كل المشروع على شخصك ولا تعتقد أن المشروع لا يحتاج إلا عمل منك البتة أو تهون من هذا العمل ولكن تكامل مع من حولك وخذ أحسن ما فيهم ووظفهم في تحقيق أهدافك وأهداف المشروع وحقق لهم ما يريدون وما يصبون إليه والتحم وتكامل معهم.
د- دراسة المشروع دراسة واقعية صحيحة: تحدثنا سابقاً عن الدراسة، ولا نريد أن نعيد ما ذكرنا وما سيأتي في ملحق الدراسات، إلا أننا كثيراً ما ندرس شيئا لنثبت ما في رؤوسنا وليس لدراسته حقيقة وواقعاً، والدراسة الجيدة في الحقيقة تعطي منظاراً لما سيحصل للفكرة أثناء تحولها لمشروع، فاحرص أن تكون دراسة صادقة للواقع وليست دراسة أو مشورة لتأكيد ما قلته.
رابعًا: عقبات وحلول:
هناك عديد من العقبات التي تواجه صاحب المشروع، سواء في مرحلة التخطيط النظري أو التطبيق العملي، نعرض لأبرزها، ونذكر بعض الحلول المقترحة، التي تظل رهينة لطبيعة العقبة والعوامل التي أدت إليها:
1- ليس مناسبا لك ولا تحبه: بعض أنماط المشاريع قد لا تلائم طبيعة بعض الأشخاص النفسية أو الفكرية، مثل الشخص الذي يعاني من قصور في التواصل الاجتماعي ويسعى لإنشاء مشروع يتعلق بالعلاقات العامة أو الخدمات، وهنا سيقف القصور النفسي عقبة أمام نجاحه وتقدمه، وكذلك بعض الأشخاص يتميز بطبيعة قد لا تلائم العمل الذي يتطلب جهد ذهني، مثل مراكز الأبحاث والمكاتب الصحفية، في حين يجيد في المجالات التجارية على سبيل المثال.. والحل في مثل هذه الحالات يمكن أن يكون:
أ- أن يبحث عن شراكه حقيقية: لتنفيذ المشروع تتولى الجانب التنفيذي لمشروعه الذي موله بفكره وقد يكون بماله.
ب- أن يبيع الفكرة على من يشتريها، ويكون هو صاحبها ومالكها بعد ذلك.
2-  ليس مجالك: عندما يكون لدى شخص فكرة لكنها بعيدة عن مجاله وتخصصه، وهذا يؤدي غالباً إلى بعده عن عالمها وبعد طبيعته عن طبيعتها، عندما يحدث مثل هذا فعلى الشخص أن يختار بين أن:
أ- يبيع الفكرة لمن يشتريها منه ويدفع ثمنها حتى لو كان الثمن ليس مالاً!
ب- أن يقيمها بنفسه وعليه هنا أن يحضر المتخصصين ليعملوا فيها، فليس -بيل غيتس- أفضل مبرمج قطعاً وليس بالضرورة أن يكون مدير المستشفى طبيباً ولا مدير مركز الأبحاث باحثاً، وإن كان لا بد أن يتفهم طبيعة العمل ليستطيع أن يتعامل مع المختصين فيه ويحركهم ويقودهم.
3- ليس لديك الصبر اللازم: والصبر بشكل عام، مبدأ يجب توافره في كل شخص جاد ناجح في حياته، وفضيلة الصبر من العوامل المؤثرة في نجاح الأعمال لا شك، حيث أغلب المشاريع تتطلب البذل عبر فترات طويلة، والاستمرار في العمل لزمن طويل قبل أن يبدأ صاحب المشروع في جني الأرباح والثمار، كذلك الأمر في مواجهة العقبات والأزمات التي يمر بها المشروع جراء عوامل خارجية أو داخلية تحتاج إلى التأني والانتظار والمحاولة مرات عدة، فإن لم يكن لديك الصبر الكافي فلا بد أن:
أ- أن يكون لديك رسالة أكبر من المشروع تتذكرها وتعيد تذكرها وتخيلها فهذا يقوي الصبر ويجدده.
ب- التفكر في فضيلة وأجر الصبر ( إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)
جـ- الاتصال بالله وطلب العون منه فالصبر ينفد ما لم نتصل بمن خزائنه لا تنفد، ولذا قرنهما الله ببعضهما البعض ( واستعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين)
د- التفكير في النجاحات والأهداف التي يريدها الإنسان لا في العقبات التي يواجهها في المشروع، فالتفكر في العقبات يوهن الصبر والتفكر في الثمار الدنيوية والأخروية يشحذ الصبر ويقويه.
4- الفكرة ليست متكاملة: من أخطر الإشكاليات، إقدام صاحب العمل على تنفيذ المشروع دون استكمال أبعاده في مرحلة التخطيط النظري، أو البدء في تطبيق الفكرة دون اختمارها والإلمام بعناصرها المختلفة. إن اكتمال الفكرة هو البداية الحقيقية للمشروع، حيث جوهره يكمن في فكرته، ونجاحه يكمن في اكتمالها، فإن لم تكن الفكرة كاملة فإن الغالب أن صاحبها يريد أن يستعجل الثمرة بحرق المراحل أو تجاوزها، ولذا يوصى بـ:
أ- مراجعة الخطوات التفكيرية وعدم الاستعجال فيها.
ب- إن كان الشخص ليس لديه جلد وصبر في القضايا التفكيرية ليحيلها لجهة مختصة في ذلك.
5- لا تجد أعوانا: المؤمن قليل بنفسه كثير بإخوانه، ولا تقوم المشاريع الكبيرة على شخص مهما أوتي من القوة التفكيرية أو العملية أو من كليهما، فإن لم يجد صاحب المشروع أعواناً فربما كان ذلك دليلاً على أنه ليس لديه فكرة لتجنيد وتوظيف الناس في تحقيق فكرته وهذا يستوجب منه إعادة النظر في ذلك، وربما كان السبب من أن نظامه للتعامل مع الموارد البشرية سيئ أو ضعيف وهذا بدوره يحتاج منه إلى إعادة النظر في أنظمة العمل، وربما كانت المشكلة وكان السبب من شخص صاحب المشروع وأن المشروع لا يخدم إلا صاحبه وعند ذلك يحتاج صاحب المشروع لنوع من علاقات الربح المتبادل إذ لا يأتي الناس لعمل لا يجدون فيه نوعا من الربح لهم، وربما كانت المشكلة في أن المشروع فارغ ليس له رسالة تلهم الناس وتحركهم وتدفعهم وتؤازرهم وعند ذلك يجب أن يكون للمشروع شيء يفوق الربح فقط!.
6-  نقص المعرفة والخبرة: ونقص المعرفة أو الخبرة، قد ينتج عن طرق مجال غير مجال العمل الحقيقي للشخص صاحب المشروع، وقد فصلنا في ذلك. وبشكل عام، عند البدء في إعداد الفكرة، يجب الاستعانة بأهل الاختصاص، في صياغة الفكرة والتخطيط لها، فمن جانب يستفيد صاحب المشروع باكتمال فكرته وتطبيقها على أساس سليم، إضافة لاكتسابه الخبرات والمعارف التي تضيف إلى رصيده، وتصبح من عوامل نجاحه وتوسعه، كما لا بد أن يستعين بأصحاب الاختصاص بعد ذلك في التنفيذ، ومن جانب آخر يجب أن يفهم صاحب المشروع طبيعة هذا الاختصاص وأهله حتى يستطيع أن يتعامل معهم وأن يتعايش معهم فيسدوا عليه جوانب ضعفه ويتجاوز بهم ضعفه ويسدد ضعفهم.
9480