1- القدرة على الإقناع


على الشخص الذي يريد أن يحول المشروع إلى أفكار أن يقنع عددًا من الناس حتى يقوم المشروع، لأنه في الغالب لا يقوم المشروع إلا بمجموعة من الأشخاص لابد من إقناعهم وتحميسهم حتى يمكن أن يتحول المشروع لأفكار، وما لم يمتلك الشخص هذه المهارة فسيتعب كثيراً في تحويل فكرته لمشروع، فدعونا نأخذ جولة في مهارة الإقناع:
- مفهوم الإقناع:
هو عملية تحويل أو تطويع آراء الآخرين نحو رأي مستهدف، فهو نقل الفكرة أو القناعة أو الرأي أو الرسالة من المرسل (صاحب المشروع) إلى المقتنع (من يريد صاحب المشروع إقناعه) بوسائل تساعد على عملية التحويل أو التطويع أو النقل أو الإقناع.
- العوامل المؤثرة على عملية الاقتناع:
1- المقنع أو المرسل مناسب:
إذ لا يمكن أن يقتنع الناس بمن يرونه يعمل ضد وعكس ما يقول أو من تاريخه غير مناسب أو من ينظر إليه المستقبل أنه غير مناسب للإقناع، مما يؤكد على أهمية أن يكون الشخص الذي يريد الإقناع مثالاً يحتذى في الأخلاق والسلوك والعمل.
 
2- استخدام الوسائل المناسبة:
فكثيراً ما يكون -للأسف- القالب أهم من محتواه، والوسائل جبلية في بعض الناس إلا أنه يمكن اكتسابها وتعلمها، ولذا تتطلب عملية الإقناع أن يكون تعرض الفرد للرسالة اختياريًّا دون ممارسة ضغوط علية، فإن ممارسة الضغوط بهدف الإقناع تؤدي إلى استثارة عوامل الرفض الداخلي لمضمون الرسالة؛ مما يصعب مهمة القائم بالإقناع، ولهذا يجب على القائم بالإقناع أن يركز على مساعدته على التهيئةالذاتية للاقتناع، وإلا تحول ذلك إلى نوع من الإكراه والإجبار لا الإقناع.
3- المقتنع أو المستقبل مناسب:
 إذ لا يمكن أن يقتنع الشخص وهو في حالة ذهول عن الموضوع أو عندما لا يكون مهيئاً للاقتناع كأن يكون لديه قناعات مضادة أو يعيش في بيئة تعلمه تبني رأيه بطريقة عكسية عن ما يراد إقناعه بها، ولذا يقال التخلية قبل التحلية، ويكون دور المقنع تخلية من يريد إقناعه من القناعات المضادة وجمع فكره إلى الفكرة المراد إقناعه بها ثم بعد ذلك يبدأ في وسائل الإقناع الأخرى.
- من يجب أن نقنع بالمشروع وفكرته؟:
هناك عدد من الجهات والأشخاص يحتاج صاحب المشروع إلى إقناعهم بالفكرة، منهم:
1- المحيطون بالشخص: فكثير من الناس يحدد استمراره في الفكرة من عدمه من حوله، ومن يدورون ويدور في فلكهم، وما لم يستطع إقناعهم فقد يقنعونه بالتخلي عن الفكرة في مراحلها الأولية التي كانت فيه ضعيفة.
2- مراكز الدراسات: التي ستقوم بالدراسة، فإن لم يستطع إقناعهم بفكرته قد يقومون بدراسة فكرة أخرى!، وللأسف ما أكثر ما يحدث مثل هذا خاصة من مراكز الدراسات الضعيفة التي تعودت على قوالب تعمل فيها ولا تستجيب استجابة كاملة لطلبات العميل طالب الدراسة.
3- الشركاء: فلن يدخل الشركاء معك في العمل ما لم تستطع إقناعهم بالفكرة وبالمشروع، من النواحي المالية والعملية والاحتياطات والإجراءات وغير ذلك.
 
4- العاملون في المشروع: فهم الذين سينفذون أفكارك ويحولونها معك إلى واقع، وإقناع العاملين وتحفيزهم هي مهمة قادة المشروع الرئيسة، فإن كان من يحول الفكرة لمشروع هو قائد المشروع فيجب أن يكون لديه القدرة على إقناع العاملين، فلا يحرك الناس ويدفعهم للعمل أن يزيدوا من ثراء شخص أو من مكاسبه المادية!، ولذا تحرص الشركات التجارية من أجل إقناع عامليها إلى تبني سياسات لخدمة المجتمع أو خدمة المبادئ ويأتي دور القائد في تجلية هذا الأمر وجعله ثقافة عامة في المنظمة، أو أن تشرك الناس في العمل وفي المكاسب أو غير ذلك من الأمور.
5- الممولون: سواءً كانوا شركاء أو غير شركاء وسواءً كان التمويل تجارياً أو خيرياً على شكل تبرع، فكما يقال رأس المال جبان!، ولذا إقناع الممولين يحتاج إلى محددات عالية، ويعتمد كثيراً على الأرقام لا على الأحلام، ويحتاج إلى قدرات إقناعية عالية تتوازى مع جبن رأس المال!.
 الاستراتيجيات المختلفة للإقناع:
هناك عدد كبير من الاستراتيجيات التي يمكن استخدامها للإقناع، وكل عدد من الاستراتيجيات تبنى على طريقة نظر معينة، ولا يهمنا التفصيل في ذلك بقدر ما يهمنا ذكر عدد من الاستراتيجيات التي تساعد صاحب الفكرة على إقناع من يريد إقناعهم، وما سنذكره على سبيل المثال والتنبيه، وإلا فهي كثيرة جداً:
1- الاعتماد على العاطفة أو المنطق أو العمل في الاستمالة:
واقع الأمر يظهر أنه ليس هناك قاعدة ثابتة نستطيع أن نؤكد أنه يمكن الاعتماد عليها في هذا المجال، و ليس أمامنا من طريق لتحديد مدى استخدام الاستمالات العاطفية أو المنطقية أو العملية إلا بدراسة الاختلافات الفردية للمستهدفين، وعندما تكون هناك خبرة سابقةبين المرسل والمستهدفين فإن ذلك سوف يساعد على إمكانية التعرف على كل فرد على حدة، أو كل مجموعة صغيرة والأسلوب المناسب للاستخدام معها، إلا أن جميع الناس يحتاج إلى الأساليب الثلاثة وإن اختلفوا في المقدار الذي يحتاجونه ويغلبونه في التعامل مع الشخص.
2- الاعتماد على درجة من التخويف أو الترغيب لتحقيق الاستمالة:
تؤكد التجارب أن نسبة كبيرة من المجموعات التي تتعرض لدرجة معتدلة من التخويف تتأثر بالنصائح التي تستمع إليها، وتقل هذه النسبة كلما زادت أو قلت درجةالتخويف، فالرسالة التي تعمل على إثارة الخوف يقل تأثيرها كلما زادت أو قلت درجة أوقدر التخوف فيها.
كما أن الترغيب يحرك الناس ويسيرهم ويجعلهم يتقدمون إلى الأمام، وكما يقال - من لمح فجر الأجر هان عليه ظلام التكليف-، وهما جناحان يحركان قناعات الناس وإن سميت بأسماء مختلفة مثل: الألم والمتعة، التخويف والترغيب، الثواب والعقاب، العصا والجزرة....
3- البدء بالاحتياجات والاتجاهات الموجودة لدى المتلقي:
المتحدث الذي يخاطب المستهدفين باحتياجاتهم ويساعدهم في تحديدالأساليب التي تحققها تكون لديه فرصة أكبر في إقناعهم بدلًا من أن يعمل على خلق احتياجات جديدة لهم. ويكون الحديث أو الرسالة أكثر فاعلية في إقناع المستهدفين عندما يبدو لهم أنها وسيلة لتحقيق هدف كان لديه بالفعل؛ فإقناع أي فرد للقيام بعمل معين يجب أن ينطلق من إحساس الفرد بأن هذا العمل وسيلة لتحقيق هدف كان لديه من قبل، أو بدأ التفكير فيه من قبل على الأقل، فإن لم يمكن فابن لمن تريد إقناعه احتياجًا يحققه مشروعك.
4- عرض وتحليل الآراء المتباينة للموضوع:
لا شك أن من يحاول الإقناع سيعرض رأيه بقوة مدعماً بالأدلة لكن لا بد من طرح الرأي الآخر، فقد أثبتت التجارب بشكل عام فاعلية تقديم الرأي المؤيد والمعارضمعًا بالنسبة للفرد الخبير، فعندما يقوم المتحدث بعرض وجهتي النظر بحياد يمكن أن يكون التأثير والإقناع أقوى، ويصبح لدى المستقبل لوجهة النظر درجة أعلى منالمناعة من وجهات النظر المضادة بعد ذلك.
5- اذكر وكثّف ونوّع من الأدلة والبراهين:
فعند ذكر الأدلة أنت تقول للمستقبل أنك تحترمه وتقدر عقله، حتى لو كانت الأدلة ضعيفة، فما بالك إذا كانت الأدلة قوية ومكثفة!، فكثرة الأدلة والبراهين يجعل المستقبل لو رفض بعضها يقتنع بالبعض الآخر أو على الأقل يصل لقناعة أن الرأي قوي ومقدر وأحتاج لوقت لأصل لقناعة به، كما أن تنوع الأدلة والبراهين يساعد المتلقي على أن يجد الدليل والبرهان الذي يناسبه، ويبعد عن ذهنه الشبه التي ربما ترد عليه وهو يتأمل فيما تقدم من أدلة.
يقوم المرسل أو المتحدث في بعض الأحيان بنسب المعلومات أو الآراءالتي يقولها لمصادر معينة أو مراجع، و يلاحظ أن المستهدفين بعد فترة من الزمن سوف يتذكرون المضمون دون أن يتذكروا المصدر وذلك باستثناء المصادر الدينية المختلفة مثل الكتب السماوية أو الأحاديث الدينية، والمصادر التي يعتبرها المستهدفون ثابتة وصادقة تسهل من عملية الإقناع في حين أن المصادر الأخرى سوف تؤدى إلى نظرة سلبية قد تشكل مانعًا أمامهممن الإقناع.
6- درجة الوضوح و الغموض في الرسالة:
تمثل درجة الوضوح في الرسالة أهمية كبيرة في إقناع المستهدفين، فكلماكانت الرسالة واضحة لا تحتاج لجهد في تفسيرها واستخلاص النتائج أصبحت أكثر إقناعًا، إلا أن الوضوح في الهدف من الرسالة المعروضة قد يعطى الفرصة لاتجاهات المستقبلين لكي تنشط في مقاومة تلك الرسالة، في حين أن الهدف الضمني يتركللمستهدف الفرصة لكي يُعمل ذهنه، ويستنتج الهدف دون أن يشعر بالتوجيه نحو الهدف، ولذا من المهم وضوح الرأي ووضوح أدلته وأن يجمع مع ذلك رمزية تعطي لعقل المتلقي مساحة للتفكير إذ إن كثيرا من الناس - وخاصة الأذكياء - لا يقتنعون إلا بأفكارهم هم فاترك لعقولهم مساحة لبناء أدلة وبراهين وشواهد وآفاق من عندهم.
7- خاطب الوعي وغير الوعي:
المتلقي له وجهان يجب إقناعهما: وجه منطقي واعٍ ووجه داخلي شعوري غير واعٍ، ويجب استهدافهما معاً، يستهدف الأول بالأدلة المنطقية الرقمية السببية الحسابية ويستهدف الثاني بالأدلة الشعورية القصصية، ومن لم يستطع أن يخاطب الفرعين سيكتشف أنه مفحم ليس بمقنع أو أن المتلقي يريد أن يقتنع ولكن لم يستطع!.
8- استخدام تاريخك:
نعني به صورتك في أذهان الناس وتاريخ أعمالك وأخلاقك وعلاقاتك، فالقناعة بمشروع تبنى في الغالب على قناعات سابقة بمقدمه وبتاريخه، فابن لنفسك تاريخاً وابن لنفسك صورة ذهنية.
9- استخدم الوسائل المعِينة ما استطعت:
وإليك نموذج نبوي يتعلق بهذا الموضوع أورده سلمان الفارسي - رضي الله عنه - قال: "كنت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم- تحت شجرة، فأخذ منها غصنًا يابسًا، فهزه حتى تحات ورقه (أي سقط)، فقال: يا سلمان، ألا تسألني لم أفعل هذا؟ قلت: لم تفعله؟ قال: إن المسلم إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم صلى الصلوات الخمس تحاتت خطاياه كما تحات هذا الورق، ثم قرأ: }وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِين{ (هود:114)" (رواه أحمد).
 لقد كان ضرب المثل الحي وسيلة عظيمة لتوصيل القناعة وترسيخ المفهوم. إنتعلمتعبيراتالوجهوالعنايةبنظراتالعينوالاهتمامبالمظهرربمايمثلنصفالطريقنحوإقناعالآخرين:( رقية بنت محمد المحارب، فن الإقناع).
- إجراءات عملية في الإقناع:
1- ابدأ حديثك بالثناء على الطرف الآخر وإظهار ثقتك في قدراته.
2- ابدأ بنقاط الاتفاق وابتعد عن نقاط الخلاف.
3- قدر أفكار محدثك وأظهر احترامًا لها ولا تقل له إنه مخطئ.
4- لا تجادل.
5- إذا أخطأت فسلم بخطئك.
6- لا تغضب، وكن لينًا في حديثك.
7- دع الطرف الآخر يتولّ دفة الحديث.
8- دع الطرف الآخر يحس أن الفكرة فكرته.
9- حبب العمل الذي تقترحه إلى صاحبك.
10- لا تصدر أوامر، بل قدم اقتراحات مهذبة.
11- امتدح أقل الإجادة، والفت الانتباه إلى الأخطاء من طرف خفي.
12- لا تكثر النقاش حتى لا يمل صاحبك.
13- احذر آفات اللسان.
14- خاطب الناس على قدر عقولهم.
15- استعن بإخوانك الأكثر خبرة عند الحاجة. (مرجع السابق).
- وسائل معِينة على تعلم مهارة الإقناع:
1- أن تتعلم كيف تتحاور مع نفسك وتقنعها بعمق في الموضوع الذي تريد أن تقنع الناس به.
2- فهم المتلقين ونفسياتهم بشكل جيد.
3- القراءة في الإقناع ومهارات التواصل بصفة عامة.
4- أخذ دورات في مهارات الإقناع أو مهارات التواصل.
5- مراقبة وتحليل ودراسة المقنعين وأساليبهم.
6- دراسة البيئة التي ستقنع فيها بشكل جيد.
25233