صناعة الأفكار.. صناعة الحياة
لمشروع -صناع الحياة- السبق في لفت انتباه الكثيرين إلى أهمية الأفكار الجديدة والدور الذي يمكن أن تلعبه في التنمية على أصعدة عدة، فقد كان مشروع صناع الحياة أحد النماذج البارزة والدالة على إمكانية تحويل الأفكار إلى مشاريع، والانتقال بالأحلام إلى الواقع، من خلال المشاركة والتفاعل والسعي بخطوات طموحة إلى تحقيق الرقي والازدهار.
البداية كانت في عام 2004، حين أعلن الداعية -عمرو خالد- عن إطلاق مشروع -صناع الحياة-، والذي كان بمنزلة التطبيق العملي لفكرته التي ألقاها عبر دروسه العديدة وأراد تحويلها إلى مشروع لاستنهاض الأمة الإسلامية بحيث تعاود الإنتاج الفعال أو ما يسمى بصناعة الحياة على حد قوله.
تمثلت رؤية المشروع في تحقيق نهضة شاملة للأمة الإسلامية، بحيث تصبح في قمة التطور والحضارة، وذلك من خلال عدة أهداف، جاء في أبرزها: تحويل الطاقة الإيمانية إلى طاقة إيجابية فعالة في تنمية المجتمع.
وقد مر المشروع، الذي حقق نجاحًا نسبيًا حرك بعض المياه الراكدة في المجتمعات العربية، وحفز على تجارب مماثلة، بعدة مراحل، بدأت بالفكرة التي تبناها الداعية -عمرو خالد- ودعا إليها نظريًا في محاضراته، ثم بدأ التنفيذ الفعلي عبر مراحل عدة، مثل مرحلة فك القيود والتخلص من السلبية عن طريق مشاريع سهلة وبسيطة يمكن للجميع المشاركة فيها، ثم المرحلة الثانية: مرحلة الإقلاع، وهي مرحلة المشاريع الصعبة، والإسهام بالأفكار والمقترحات والرؤى والأحلام فيما يتعلق بمستقبل الأمة خلال العشرين سنة القادمة، وقد أثمرت تلك المرحلة العديد من الأفكار في مجالات مختلفة، مثل البطالة والصناعة والزراعة والتعليم والبحث العلمي وغيرها من مجالات التنمية، ثم جاءت المرحلة الثالثة، وهي مرحلة تنفيذ مشروعات النهضة، وتحويل الأحلام إلى مشاريع تنموية فعلية، وتستمر تلك المرحلة لمدة عشرين عامًا، حتى تكون القيادة قد أصبحت بيد شباب صناع الحياة وليصل جيل جديد من الأطفال لسن الشباب وقد عاشوا الفكرة، بمعنى أن يتم تغيير جيل بأكمله.
وقد أطلق مشروع صناع الحياة عدة مبادرات ومشاريع حيوية، مثل مشروع حماة المستقبل، ومحو الأمية التكنولوجية، إضافة إلى عدة مشاريع تنموية صغيرة، وكانت كلها من بنات أفكار الشباب.
وبعيدًا عن الخوض في مدى نجاح المشروع، وإن كانت المؤشرات التي تشير إلى ذلك مطمئنة، فإن التجربة جديرة بالتأمل والتطبيق؛ فالأمم إنما تتجدد بتجدد أفكارها، وتتطور بتطور رؤيتها لإشكالياتها وقضاياها وطرق التعاطي معها، وكما قيل قديمًا، فإن الفكرة هي أصل كل عمل عظيم.