من القضايا المهمة في تسويق الإنسان نفسه: أن يحدد المدى المكاني الذي يُريد أن يُسَوِّق نفسه فيه، وبالتالي يحدد الأماكن التي ينبغي أن يُوجد فيها هو بنفسه أو ببرامجه التسويقية؛ لكي ينجح في تسويق نفسه. واختيار المكان الذي تنطلق منه البرامج التسويقية يحتاج إلى تأمل ودراسة، فمثلًا:
اختيار المكان يعتمد -أحيانًا- على مكان فيه المعارف والأقارب والمحبين:
ولكننا نجد -أحيانًا- (زَمَّارُ الحَيِّ لا يُطرب!!)، (وأزهد الناس في العالِمِ أهلُه!!) كما يقولون، فهذه القضية تحتاج إلى تأمل.
ما تنصبه تعتمد اعتمادًا كبيرًا على علاقة الشخص بمن حوله، فكلما قويت العلاقة بينه وبينهم وكان تسويقه نفسه جيدًا معهم؛ كان تسويقه لدى من حوله أولًا أقوى، وكلما شعر الشخص بزهد من حوله فيه سَوَّقَ بعيدًا عنهم، وربما يُفاجَأ بآثار الصدى الكبيرة التي لم يتوقعها؛ خاصة إذا وضع آلية لوصول الأخبار إليه بطريقة جيدة.
اختيار المكان يعتمد على الفئة التي تريد أن تسوق نفسك لديها:
فهناك أماكن تناسب المثقفين، وأماكن تناسب العلماء، كما أنَّ هناك أماكن تناسب عامة الناس وجماهيرهم، وأماكن أخرى تناسب الساسة، والقادة، وكبار رجال الدولة، وهنالك أماكن تناسب الشباب، وأماكن أخرى تناسب الأطفال، أو النساء، أو كبار السن وهكذا.
وعمومًا عند تحديد الفئة المستهدفة من البرنامج يمكن للشخص البحث عن الأماكن التي تُوجد فيها هذه الفئة بشكل أكبر، وارتياح أكبر.
اختيار المكان يعتمد على نوع البرامج التي يريد الإنسان أن يُسَوِّق نفسه فيها؛ فالمحاضرة تختلف عن الدورة، والخطبة تختلف عن المهرجان، أو المنتدى، أو المؤتمر، وهكذا.
اختيار المكان يعتمد على المدى الذي يريد أن يبلغه التسويق:
فهناك أماكن تصل أخبارها إلى كل مكان، وهناك أماكن لا يتعدى تسويق الشخص نفسه فيها عن المنطقة نفسها، فمن يُسَوِّق في القرية -مثلًا- يختلف عمَّن يُسَوِّق نفسه في العاصمة، كما أنَّ العواصم ليست بمستوى واحد؛ فعاصمة دولة كبيرة ليست كعاصمة دويلة غير واضحة في الخريطة السياسية، أو الخريطة الجغرافية، أو الخريطة الثقافية.
كما أنَّ توزيع الاهتمامات ووقت الشخص الذي يريد أن يُسَوِّق نفسه مهم جدًّا، فينبغي عدم توزيع وقته واهتماماته بحيث لا يستطيع أن يركز على شيء، كما ينبغي أن يوزع أجزاءً من وقته واهتماماته؛ ليصل إلى كل ما يريد بتكامل.
وعمومًا؛ فإنَّ الإشكالية الجدلية بين التخصص والشمول موجودة في شتى مناحي الحياة، وما يعنينا هنا أن يكون لمن أراد أن يُسَوِّق نفسه تأمُلٌ في طريقة إدارة اهتماماته ووقته، فالإنسان بطبعه يتمنَّى، ويبحث، ويريد، كما أنَّ الواجبات -كما يعلم الجميع-أكثر من الأوقات، وهذا يؤكد أن يكون الإنسان في إدارته لوقته واهتماماته يتواءم، ويتناسب مع رؤيته لنفسه، ولحياته؛ أي مع رؤيته التسويقية لنفسه، وهنا يصح أن نؤكد على بعض القضايا:
- ينبغي أن يعطى الاهتمام الأكبر في تسويق الإنسان نفسه بالتسويق بعيد المدى، وهو تسويق جوهر الشخص ورؤيته وروحه، لا على مجرد تسويق وقتي يقوم على الفرصة الحالية.
- إدارة الوقت فن وعلم كبير ينبغي لمن يسعى لتسويق نفسه أن يتعلمه، وأن يبادر إلى تطبيقه.
- ينبغي عند توزيع الوقت والاهتمام به، أن نركز في كل جانب على أهميته وجوهره، فمثلًا الوقت الذي سيُصرف في العلاقات أو في الجوانب التطويرية للشخص نفسه أو غير ذلك، فينبغي عليه أن يبحث عن أهم العلاقات؛ ليغطيها، وعن أهم الجوانب التي ينبغي أن يطور نفسه فيها وهكذا.
- ينبغي لمن يريد أن يُسَوِّق نفسه أن يتعلم كيف يزيد من طاقته الإنتاجية، بأن يعرف كيف يدير وقته؛ فقد يضطر أن يشتري وقته مثلًا، وأن يعرف كيف يجمع حوله أتباعًا ويديرهم، فمثلًا: عليه أن يُفوِّض كثيرًا من أموره لغيره، وهذا يستلزم أن يتعلم مهارات التفويض بكفاءة.