ليس المقصود بعصر المعلومات: كثره البيانات والأرقام المنشورة، ولكن الأكثر أهمية هو (الثقة) في هذه البيانات، والثقة فيمن يعدها، أما إذا اختفت هذه الثقة؛ فإن البيانات والأرقام المنشورة لا تعدو أن تكون كذبة كبرى يتفق الجميع على تجاهلها وعدم الالتفات إليها، ولا يقتصر الأمر في الثقة في المعلومات على ما ينشر، بل على الثقة فيما يقدم من شهادات خبرة، أو بيان بالمراكز المالية، أو رخص لمزاولة المهنة، أو تحمل المسئولية، فبدون الثقة تفقد الشهادات والرخص قيمتها ومعناها. حازم الببلاوي، جريدة الأهرام، بتاريخ 16-09-1996م.
وللنشاط الخيري والتطوعي مكان مهم في المجتمعات الحديثة، وهو نشاط لا يتصور أن ينمو ويزدهر دون توافر الثقة بين أفراد المجتمع وشعورهم بالمسؤولية التبادلية دون باعث من بحث عن الربح الخاص كما في السوق، أو خوف وخضوع للسلطة السياسية.
إن مجتمع الثقة هو ذاته مجتمع التسامح، والقبول بالرأي والرأي المخالف، بالرأي الصائب والرأي الخطأ، ولا يمكن أن يتحقق مثل ذلك ما لم يتوافر قدر من الثقة بالنفس والثقة بالغير، ومع هذه الثقة يمكن قبول التجاوزات لثقتنا في بصيرة الناس، وفي حسن أحكامهم وقدرتهم على تحمل المسؤولية، والإفادة من الأخطاء لتجنبها في المستقبل، وليس الاستمرار في تكرارها مرة ومرة ثم مرة، فالثقة ضرورية جدًّا لكل تقدم اجتماعي.. الثقة في الغير، الثقة في الحاكم، وثقة الحاكم في المحكومين.
وبالثقة ووحدها يمكن بناء أسس التقدم، وبالعكس مع الريبة والظنون والشكوك يصعب التقدم أي خطوات للأمام، فإن بعض الظن إثم، والظنون والشائعات مهلكة للأمم والأفراد على السواء. المرجع السابق.