العمل التسويقي كثيرٌ ومتشابك، فكلُّ عملٍ يقوم به الإنسان له علاقة بوجهٍ من الوجوه بالعملية التسويقية؛ وقد بحثَ الباحثون والمختصون في هذا الجانب عن تصنيف يسهل رؤية الغابة بين كل هذه الأشجار، فاقترحوا أن يعملوا مزيجًا تسويقيًّا يتكون من أربعة عناصر؛ هي: المنتج، السعر، المكان، الترويج، كلُّ عنصرٍ يغطي عدة نشاطات، ثم رأى بعضُ الباحثين أهمية إضافة عناصر أخرى في تسويق الخدمات وما شابهها؛ إذ إن العناصر الأربعة لا تكفي لتلبية الحاجات والأنشطة التسويقية لتسويق الخدمات، فأضاف بعض الباحثين: الناس، العمليات، الدليل المادي، وسنستعرض -بمشيئة الله تعالى- عناصر المزيج التسويقي، مرفقًا بشيء من تطبيقاته على تسويق الأفكار بشكل مختصر:
الفكرة هي المنتج، والمنتج: هو ما يستقبله الفرد من خلال عملية التبادل، وهو كل شيء يمكن تسويقه من أجل إشباع حاجة أو رغبة، وبذلك يشمل الأشياء المادية وغير المادية، والأشخاص، والأماكن، والمنظمات، والأفكار.
من الأساسيات المهمة التي يعرفها كل الناس: أنه لا يمكن تسويق ما لا نعرفه أو نُدركه بشكلٍ جيد، وهذا يعني لنا: أهمية تحديد الفكرة التي نريد تسويقها، ومن لا يعرف الفكرة التي يريد تسويقها أو أنه يعرفها لكنها فكرة عائمة غير محددة يفشل في تسويقها.
ويمنعُ الناس من تحديد فكرتهم تحديدًا واضحًا عدة أمور منها:
1- عدم معرفة الشخص لما يريد بالضبط، وعدم تحديد الوجهة والفكرة والهدف؛ مما يجعله يستمر في التخبط والتشتت، ويستمر في الذهاب والرجوع يمينًا وشمالًا من أي مكان إلى أي مكان.
2- التقلب المزاجي اللامحدود، فما أريده اليوم لا أريده غدًا، وما كان حسنًا بالأمس أصبح قبيحًا اليوم، وهكذا يستمر الإنسان في التقلب بين القضايا والأفكار بلا منهج واضح، ولا هدف يُركز عليه.
3- أن يريد كل الأشياء، ويخشى أن يفقد أي شيء منها، مما يجعله لا يركز على شيء، فإرادة كل شيء (الطمع) تمنع -أحيانًا- من الوصول إلى أي شيء.
ويتم تحديد الفكرة جيدًا بحصرها في مجالين:
الأول: التركيز على الهدف وتعريفه بعدة طرق وأساليب، ومن زوايا وأبعاد مختلفة.
الثاني: التركيز على مجال الفكرة ذاتها، وكذلك أماكن أبعاد تطبيقها.
- الفكرة التي تسوقها أنت ليست هي فكرتك، وإنما التي تسوق هي المنفعة التي تُقدِّمها الفكرة للناس، على سبيل المثال: عندما أريد تسويق فكرة أن العلماء والدعاة هم صفوة المجتمع ونخبته وخيرته، فأهم من التأكيد على صفاتهم وأخلاقهم -على أهميته- التأكيد على المنافع التي حصلها الناس أو يمكن أن يُحصلوها منهم، ويمكن أن أحصلها أنا وأنت منهم، وتذكر صفاتهم وأخلاقهم من خلال ذكر المنافع التي سنحصلها.
- عندما نريدُ أن نسوِّق فكرةٍ ما يجب علينا أولًا أن نحدِّد مركز منافعها، وبؤرة هذه المنافع، ثم إضافة منافع مضافة للفكرة، ونحن على يقين بأن هذه المنافع المضافة تُعطي للفكرة أبعادًا مختلفة في نفسية المتلقي، وربما تعني له -أحيانًا- أكثر مما تعني المنفعة الأصلية، وأفضل طريقة لتحديد المنافع الأخرى: هي تصور مراحل تأثير الفكرة على الشخص وعلى المجتمع، ومن ثمَّ تحديد ما أهم منفعة يُريدها المتلقي في كل مرحلة.
- ومن الممكن بعد ذلك أن نجعل القيمة المضافة كأنها قيمة أصلية، ونضع لها منافع مضافة، مما يعزز الفكرة الأصلية، ويعطيها من الجمال والروعة والقوة والرسوخ ما يسهل ويقوي تسويقها.
- يأتي بعد ذلك وضع هالة للمنافع! فذكر شيء إيجابي واحد بقوة وبتركيز عليه يجعل عقل المتلقي يربط بينه وبين كثير من الإيجابيات الأخرى ولو لم تذكر أنت ذلك، ويساعد على ذلك: استخدام العبارات الفضفاضة والرمزية، لذا فليس من الضرورة تحديد كل شيء عند التقديم، وإنما يفضل ذكر المنافع الأصلية ثم المضافة لتعزيز فكرة هذه المنافع، ثم يختم بوضع هالة تجعل مجرد الانتقاد للفكرة يدل على السطحية وضعف التفكير والتأمل، وهنا ينتبه إلى أن هذا هو الاستبداد بعينه؛ فلا ينبغي استخدامه إلا في مكانه وموضعه ومع من يناسب.
ماذا يمكن أن يضاف للفكرة من الإبداع ؟
أعط الفكرة أبعادًا ومنافع في النفس:
كل الناس يريدون لنفوسهم السعادة والراحة والطمأنينة، فإذا كانت فكرتك تقدم لهم شيئًا من هذا؛ فوضِّح ذلك وجلِّه لهم.
أعط الفكرة أبعادًا ومنافع في الفكر:
من الممكن توضيح آثار الاقتناع بفكرة معينة على فكر الإنسان بصفة عامة، أو العكس، وهو يوضح لنا كيف أن عدم الالتزام بهذه الفكرة يؤدي إلى تشوش الفكر وتناقضه واضطرابه، عند ذلك تكون الموافقة على الفكرة هي الحل الوحيد والأسلم أمام المتلقي.
أعط الفكرة أبعاداً ومنافع في السلوك:
يميلُ بعض الناس إلى اعتبار أن أي فكرة لا قيمة لها ما لم يكن لها أثر في السلوك أو تطبيقات سلوكية؛ مما يؤكد على مسوق الفكرة أن يجعل لها تطبيقاتها وآثارها في السلوك؛ حتى لا يُفهم أن الحديث مجرد فلسفة باردة ليست عملية ولا واقعية.
أعط الفكرة أبعادًا ومنافع في الواقع:
فرؤية نماذج واقعية، سواءً كانت عالمية أو محلية لتنفيذ الفكرة، أو عدم تنفيذها، وآثار ذلك على حياة الناس وواقعهم تعطي لنا معان أخرى للفكرة، وأبعادًا أخرى لتسويقها.
أعط الفكرة أبعادًا ومنافع أخرى:
فكلما ازدادت المنافع المقدَّمة: ازدادت أهمية الفكرة، وقابلية المتلقي لتلقيها، وأهمية الفكرة تكون على قدر أهمية المنافع التي تستطيع إضافتها للفكرة، وأيضًا على قدر كثرة أبعاد تأثير منافع الفكرة، وهنا سؤال مهم يطرح نفسه: هل من الممكن أن نضع أبعادًا اقتصادية وسياسية واجتماعية ونفسية وتربوية لأفكارنا؟
ميز منافع الفكرة وأظهرها:
يميل بعض الناس إلى جعل كل الأفكار متشابهة من أوجه كثيرة ويُركِّز على هذا التشابه، مما لا يجعل لأفكارنا ميزة عن الأفكار الأخرى، وقد أثبت التاريخ أن ما يراه الناس متشابهًا يمُكن تمييزه بأي شيء حتى يبقى له قوته ورونقه وجماله وبهاؤه، فالناس يحبون التميز، ويرغبون في أن يتلقوا الأفكار المتميزة؛ لأن الناس المتميزون يتبنون أفكارًا مميزة، والناس المهمون يتبنون أفكارًا مهمة، والعاديون يتبنَّون أي أفكار! ويبقى هنا السؤال: هل يوجد أحد في الدنيا ينظر إلى نفسه على أنه رجل عادي في كل مجال ؟!
فن صُنع منتج للتسويق:
لكي تصبح الفكرة منتجًا جاهزًا للمضي به في المزيج التسويقي، وفي سبيل تسويق أفكارك بكل براعة ونجاح، يجب أن تتبع القواعد الأساسية لفن صناعة المنتج (الفكرة) وإعداده للتسويق، ويتضمن فن صناعة المنتج وإعداده للتسويق عدة عناصر أساسية، هي:
( أ ) تمييز الفكرة (المنتج):
ويمكن لنا أن نميز الفكرة بعدة أساليب وطرق منها:
- التأكيد على المنافع والحرص عليها، وكذلك على أبعادها المختلفة المذكورة قبل قليل.
- وضع مسمَّى معين لهذه الفكرة، وعلامة لها.
- تثبيت صورة ذهنية عن الفكرة تربط بينها وبين مفاهيم يحبها كل الناس؛ كالسعادة مثلًا، أو النجاح، أو الراحة، أو الطمأنينة، أو القوة، أو غير ذلك، ويمكن أن يتم ذلك عبر شعارات أو قصص مناسبة.
- تقديم الفكرة في وعاءٍ من الخصوصية بدلًا من العمومية.
- تمييز الفكرة بتمييز مقدمها، أو تمييز الفكرة بتمييز متلقيها، فهذه الفكرة لا يقدمها إلا المختصون العارفون، وهذه الفكرة لا يتلقاها إلا المتميزون الحكماء.
- اجعل الناس يشترون الفكرة بدلًا من أن تبيعهم إياها، أي لا تهن فكرتك بعرضها إلا بعد طلبها، وتبقى مهارتك في تحفيز المتلقي لطلبها.
- سهولة تطبيقها والحصول على نتائجها الضخمة.
- فكرة مضمونة النتائج ومجربة وفعالة بخلاف غيرها.
(ب) تحديد خطوات عملية لتسويق الفكرة (المنتج):
- حدِّد نوع المشكلة التي ستحلها الفكرة، أو الفرصة المتاحة التي ستقدمها الفكرة.
- حدد الفكرة وميزاتها.
- اسأل نفسك ما هي منفعتها الرئيسة؟
- ما الهالة أو الصورة الذهنية التي ستضعها على الفكرة؟
(ج) تحديد المنافع والأبعاد المضافة:
- منافع نفسية وروحية.
- منافع فكرية وعقلية.
- منافع سلوكية وجسمية.
- منافع واقعية.
- منافع أخرى.
- ماذا نعني بسعر الفكرة؟
نعني بسعر الفكرة: القيمة التي سيدفعها من تبنى الفكرة واقتنع بها، ولا توجد في الدنيا فكرة ليس لها قيمة، سواءً كانت القيمة مالًا، أو ثنائًا، أو جهدًا، أو وقتًا، أو جاهًا، أو غير ذلك.
- يا ترى ما هي تكلفة الفكرة؟
يُعد وضع سعر لأي منتج عملية صعبة جدًّا وشائكة ومُربكة في الوقت نفسه، فما بالك إذا كان المنتج هو الفكر؟!
وقرارات السعر من القضايا الاستراتيجية في التسويق، ويجب أن تتناسب مع أهداف وسياسات التسويق، وقد يُعبر عنه في التسويق بألفاظ مختلفة؛ مثل: رسوم، أو أجور، أو عمولة، أو أقساط، أو ضريبة، أو... أو ... إلخ، ويبقى التسعير في القضايا الفكرية من أعقد القضايا وأكثرها حاجة إلى فهمٍ عميقٍ للنفوس والمجتمعات والواقع.
- ويمكن الحديث عن تسعير الأفكار في عدة محاور:
الفكرة ذات التكلفة العالية عادة ما يكون تسويقها أقل، فإذا كانت الفكرة التي تطرحها نفيسة وغالية؛ فإن من يتبناها يحتاج إلى أن يقدم ضريبتها أو رسومها الغالية، فعند ذلك يجب أن توقن أن عدد من سيتلقاها أقل، وعند ذلك يمكن القول:
يا سلعة الرحمن لست رخيصة
بل أنت غالية على الكسلان
يا سلعة الرحمن ليس ينالها
في الألف إلا واحد لا اثنان
يا سلعة الرحمن سوقك كاسد
بين الأراذل سفلة الحيوان
الفكرة ذات التكلفة العالية تكون أرفع قيمة في النفوس، فالنفوس الكبيرة تأبى أن تشتري الأفكار الرخيصة أو حتى تلقيها، بل إن علامة الفكرة التافهة: أن قيمتها رخيصة؛ ولذا يحرص المسوقون دائمًا على رفع قيمة المنتج حتى يشتريه بعض الناس.
تتناسب تكلفة الفكرة مع الشريحة المستهدفة؛ لذا فسعر الفكرة وضريبتها يحدد الشريحة المستهدفة من ورائها، فعلى ضوء الشريحة المستهدفة يُقرر سعرها وكلفتها.
- وهنا يطرأ علينا سؤال مهم:
هل من الأفضل تخفيض قيمة الفكرة لدى المتلقي لقبولها؟ أم رفع قيمة الفكرة ليُشعر بأهميتها؟
يبدو أن الإجابة على مثل هذا السؤال ترجع إلى المضامين الاستراتيجية للفكرة وأهدافها، فهل المقصود القبول الأولي والابتدائي، أم التوثيق والتعميق؟
وعمومًا يُفضل رفع قيمة الفكرة في كلِّ من الحالات التالية :
- إذا كنتَ متأكدًا من قبول المتلقي للفكرة.
- إذا كنتَ تريد أن ترفع من قيمة الفكرة لدى المتلقي.
- إذا كنتَ تريد أن تبهر الناس بالفكرة.
- إذا كنتَ تريد أن تخاطب فكرتك نخبة وشريحة معينة من المجتمع.
- إذا كنتَ تريد التأكد من جدية متلقي الفكرة في دفع قيمتها.
- ويُفضل تخفيض قيمة الفكرة في الحالات التالية :
- إذا كنتَ تريد أن تسهل على المتلقي اتخاذ قرار قبول الفكرة.
- إذا كنتَ تريد أن تجعل فكرتك فكرة جماهيرية شعبية.
- إذا كنتَ تريد للفكرة أن تُمهد لقبول أفكارٍ أخرى.
- إذا كنتَ تريد قبول مبدئي للفكرة.
- كيف تُخفِّض من تكلفة الفكرة؟ وآثار ذلك؟
لتخفض من قيمة فكرة:
- ركِّز على آثارها ومنافعها، وابسط الحديث في هذا الموضوع وفصِّله.
- ابسط في الحديث وقلل من تكلفتها، وحاول أن تختصر في الحديث عن هذا الموضوع، وتكلم عنه بإجمال.
- أكَّد بأن هناك أناسًا كثيرين قبلوها وتقبلوها وتبنَّوها واستحسنوها، وليس نخبًا معينة فقط.
- كيفَ تزيد من قيمة الفكرة؟ وآثار ذلك؟
لرفع قيمة فكرة:
- اذكر ضريبة وتكلفة تبنيها مباشرة؛ فليست المسألة مجرد كلام فقط، بل هناك ضريبة سوف تدفعها، سواءً كانت من مالك، أو من وقتك، أو من راحتك وجهدك، بل حتى يمكن أن تكون من دمك وروحك.
- اذكر أمثلة على تكاليف عالية للفكرة، سواءً بذكر أمثلة سابقة لمن تبنى مثل هذه الفكرة، أو بذكر أمثلة مستقبلية متوقعة، أو بقصص رمزية، أو ما شابه ذلك.
- أكِّد على أنه لا يتبنى مثل هذه الفكرة إلا من يتصف بمواصفات عالية، وتأكد إذا كنت مسوِّقًا ماهرًا وبارعًا من أن المواصفات التي في فكرتك هو يحبها، وتجعله يتحرك من الداخل.
الفكرة الغالية الرخيصة ! المهمة السهلة!
- وهنا سؤال مهم: هل من الممكن أن نجمع بين منافع رفع قيمة الفكرة وبين تخفيض قيمتها في فكرة واحدة ؟
والإجابة: أنه يمكن ذلك لمن وفقه الله لذلك، ولمن التجأ إليه، واستخدم فكره وجهده وعقله وخبرته؛ إذ الأمر يحتاج إلى جهدٍ وذكاء وتوفيقٍ من الله، ويمكن الإشارة إلى ذلك بالنقاط التالية -وإن كانت القضية تحتاج إلى مهارة عالية كما أسلفنا، فإنها تحتاج إلى توفيق من المولى -سبحانه وتعالى- ومن هذه النقاط:
- ارفع قيمة الفكرة في مواضع، وخفّض من قيمتها في مواضع أخرى، بما يتناسب والحالة أو الموقف.
- ارفع من قيمة الفكرة أو خفِّضها حسب رؤيتك لحركة الفكر لدى المتلقي؛ فللقبول الأولي خفِّض الفكرة، ثم ارفع من قيمتها في نفسه برفع قيمتها تدريجيًّا مع رفع وتيرة التحفيز، ثم أخبره أن من هم مثله من السهل عليهم دفع هذه القيمة.
- ارفع وخفِّض من قيمة الفكرة لمخاطبة مختلف الشرائح بأسلوب جميل وهادئ ولطيف ومتزن، واحذر من أن يكون أسلوبك أسلوب هدمٍ وتنفير لأي شريحة.
- القادة والمبدعون عادة همُ الذين يستطيعون أن يرسلوا رسائل ترفع من قيمة الفكرة وتخفِّضها في وقت واحد، ويتم ذلك بأمور منها:
1- مخاطبة الوعي واللاوعي -وسيأتي الحديث عن ذلك- في وقت واحد.
2- بالضرب على أوتار التناقضات البشرية الفكرية والشعورية.
3- التحفيز المتتالي حتى أثناء عرض التكلفة، وبالإيحاءات المتتالية المتناقضة بما يتناسب مع تناقضات النفس البشرية.
4- وغير ذلك كثير، وعمومًا هذا مجال تعجز عن وصفه مثل هذه الأسطر، ويمكن إدراكه لمن نظر في سير الأنبياء والمصلحين.
تطبيق عملي لتسويق الأفكار على (التسعير):
- ما الفكرة التي نتجت من تطبيق أفكار (المنتج)؟
- مَن الشريحة التي تستهدفها من الفكرة؟
- حدِّد تكُلفة الفكرة؟
- هل سترفع من قيمتها أم ستخفِّض؟
- لماذا سترفع أو ستخفِّض من قيمة الفكرة؟
- كيفَ سترفعُ من قيمة فكرتك؟
- كيف ستخفِّض من قيمة الفكرة؟
- هل تستطيع أن تجمع بينهما ؟! وماذا ستفعل من أجل ذلك؟!
والآن أصبحت فكرتك منتجًا ذا قيمة محددة، ستقدمها للمتلقي بكل أريحية وثقة، وذلك من أجل أن تسوق أفكارك ببراعة.
أين ومتى تُقدِّم الفكرة؟ وما القالب الذي ستقدم فيه؟
معلومٌ أن المكان والزمان المناسبين يعطيان الفكرة الوضوح والقوة والتركيز، وربما يسلبانها معناها أو حقيقتها، ولذا يجب أن يختار الشخصُ المكانَ الذي سيقدم فيه فكرته، كما يجب أن يختار القالبَ الذي سيصوغها فيه، والقناة أو الوسيلة التي سيقدمها من خلالها؛ فالمعاني كما تأخذ معناها من الألفاظ التي تصاغ بها تأخذ معناها من المكان والقالب الذي تقدم فيه، والوسيلة التي بها تقدم؛ لأننا نحن الذين نعطي الأشياء معانيها من خلال تفاعلنا مع البيئة حولنا؛ لذا يقول الله -سبحانه وتعالى-: {وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُواْ الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإِنْسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا}[الإسراء:53].
أو كما يقول ابن الرومي:
في زخرفِ القولِ تزينٌ لباطلهِ
والحقُ قد يعتريه سوءُ تعبيرِ
تقول هذا مجاج النحل تمدحه
وإن تشأ قلت ذا قيء الزنابير
مدحًا وذمًّا وما جاوزت وصفهما
والحق قد يعتريه سوء تعبير
- معايير اختيار المكان الذي يناسب لتقديم فكرتك :
- التأكد من مناسبة المكان والحضور للأفكار من القضايا المهمة التي ينبغي أن نراعيها، وأن ننتبه لها، ولذلك يقول عبدالله بن مسعود -رضي الله عنه-: «ما أنت بمحدِّثٍ قومًا حديثًا لا تبلغه عقولهم إلا كان لبعضهم فتنة». «صحيح مسلم».
- ليس كلُّ الناس يصلحون لسماع كل الأفكار والآراء التي تطرح حتى ولو كانت صائبة وجميلة ونافعة، فالناس لا يستوون أبدًا، ولذلك لمَّا حدَّث النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- معاذ بن جبل -رضي الله عنه- بحديثٍ قال معاذ: يا رسول الله! أفلا أُبشِّر الناس؟ فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم- : «لا تُبَشِّرهم فيتَّكِلُوا». متفق عليه.
ومعنى: «يتَّكلوا»: أي يتركوا العمل ويتَّكلوا.
- اختيار قناة توزيع الفكرة وعوامل الاختيار:
كما ذكرنا سابقًا بأن الأفكار تأخذ معناها من السياقات التي تصاحبها، والقناة أو الوسيلة التي ستُقدِّم من خلالها أفكارك تُؤثر على معنى الفكرة وطبيعتها، فهل ستقدِّم فكرتك من خلال حوار ونقاش؟ أم من خلال خطبة جمعة؟ أم من خلال دورة تدريبية؟ أم من خلال برنامج تلفزيوني أو إذاعي، أم من غير ذلك..؟
ولا شك أن لكل قناة ووسيلة من هذه الوسائل ميزاتها كما أن لها عيوبها، وبقدر توافق ميزات الوسيلة مع طبيعة الفكرة بقدر النجاح في التسويق، فالأفكار الجماهيرية يغلب عليها أنها تناسب أن تطرح في الأماكن الجماهيرية، وبالوسائل الجماهيرية، وبقالب جماهيري، فكل فكرة لها مكانها وقالبها ووسيلتها الأنسب لها، فعند استخدام الوسائل الجماهيرية في الجلسات الخاصة، أو الأساليب الشخصية في اتصال جماهيري عند ذلك يحدث كثير من الخطأ.
هل تضع وسطاء لفكرتك ؟
من هم الوسطاء؟ هل ستسوق أفكارك بنفسك؟ أم ستبحث لها عن مؤسسات أو أشخاص ليسوقوها لك؟
يبقى من الطبيعي أن تسوِّق أفكارك بنفسك، وإن كانت أفكارك ستكون محدودة التأثير؛ فإلى أي مدى ستصل أنت ويصل تأثيرك، وبالتالي تصل أفكارك؟
وعمومًا يُفضَّل عدم استخدام وسطاء في الحالات التالية:
- إذا كنت تخاف من تحويل أو تعديل الفكرة لعدم فهمهم لها.
- إذا كان لا يمكن أن يعبر عن هذه الفكرة غيرك.
- إذا كان تدخُّل أحد غيرك في الفكرة سيعطيها لونًا ومعنًا آخر.
- إذا كنت تريد أن تعطي للفكرة أهمية وميزة معينة.
ويُفضَّل استخدام وسطاء في الحالات التالية:
- إذا كان المقصود والهدف مقصور على نشر الفكرة.
- إذا كانت الفكرة قابليتها للنشر كبيرة.
- إذا كنت قائدًا متميزًا، تستطيع تحريك الناس وتوجيههم ليسوقوا أفكارك بكفاءة.
- إذا كنت في بداية المشوار، ولست معروفًا لدى الناس، ولا في السوق، وتريد استخدام وسيطًا مسموع الكلمة.
ووسطاء الأفكار أنواع:
من حيث التبني:
- هناك وسيط متبني لفكرتي، ومتبني لنقلها وإشهارها، ومثل هؤلاء يُشترون ويُدفع لهم الغالي والنفيس؛ فهم يعتبرون فريقي الحقيقي، وهم نفسي التي تتحرك، فيجب الكرم معهم، والصبر عليهم، حتى لو اختلفت معهم في قضايا الوسائل وغيرها.
- وهناك مُتبنِ للفكرة وغير متبن لنقلها، ومثل هذا يحتاج إلى تحفيز من أجل تبني نقل الفكرة، ويحتاج إلى معرفة الأسباب المانعة من نقل الفكرة وتسويقها، فقد يكون يرى أنه لا فائدة من نقل الفكرة؛ إمَّا لقناعةٍ شخصية لديه بعدم قبول الناس لها، أو لعدم قدرته هو على توصيل وتسويق الفكرة، ولذا يأخذ تحفيزه اتجاهات مختلفة، سواءً بإقناعه بنجاح تسويق الفكرة ولو على المدى البعيد، وبنجاحه هو في تسويقها، ومساهمته المتميزة في ذلك، والاستمرار في رفع روحه المعنوية.
- وهناك غير مُتبنٍ للفكرة، ومُتبنٍ لنقلها، ومثل هذا يستحسن ألا يُضم لفريق التسويق حتى يتبنى الفكرة، وإن كان لا بأس من الاستفادة منه في بعض الأمور، لكن بشرط ألا تحسب عليَّ تصرفاته لو ضممته لفريقي، وجعلته وسيطًا لي.
- والأخير وسيط غير مُتبنٍ وغير متبنٍ لنقلها، ومثل هذا لا يصلح أن يكون وسيطًا أصلًا.
من حيث القدرة على النقل والمهارة في ذلك:
- ناقل ماهر وجيد للفكرة، ومثل هذا إن كان مُتبن للفكرة؛ فهو يعتبر أنفس من الألماس والذهب المصفَّى.
- ناقل غير جيد أو غير ماهر في تسويق الفكرة، فهو يحتاج إلى تدريب وتأهيل مني، وكل تدريب وتأهيل له يكون رفع لقدراته، وبالتالي يكون هناك نقل وتسويق أفضل لأفكاري.
من حيث المصداقية:
- وسيط ذا مصداقية، ورجل معروف لدى الناس والمجتمع.
- وسيط ليس ذا مصداقية، سواءً عرف بالكذب، أو لم يعرف.
فإذا استطعت أن تجد المتبني للفكرة ولنقلها بمهارة ومصداقية، فاستمسك به؛ فهو الراحلة: «الناس كإبل مائة، لا تكاد تجد فيهم راحلة»، كما قال -صلى الله عليه وسلم-. «سنن ابن ماجه»، وصححه الألباني.
وهؤلاء قد يكونوا -أحيانًا- أفضل منك حتى في نقل أفكارك أنت!! ومن سعادة المرء وفرحته الغامرة أن يجد مثل هؤلاء، بل إن من علامات المصلحين المؤثرين القادة: قدرتهم على جمع عدد كبير من هؤلاء الأقوياء حولهم، فإذا لم تجد من يمتلك كل هذه الصفات؛ فاختر من يمتلك من الصفات ما يتناسب مع الفكرة، فليس من العقل استخدام وسيط ليس عنده مصداقية في وقت يتطلب فيه الأمر مصداقية عالية.
وعمومًا على قدر قوة القائد تجد حوله من الوسطاء الأقوياء؛ فكوكب المشتري على سبيل المثال له اثنا عشر قمرًا بخلاف كوكب الأرض؛ فليس له إلا قمرٌ واحد، فالقائد القوي يجمع حوله قادة، والقائد الضعيف يجمع حوله أتباعًا.
تطبيق عملي لتسويق الأفكار على (التوزيع):
- ما الفكرة التي نتجت من تطبيق الفكرة(المنتج)، صُغها بصياغة تدل على تكلفتها (السعر)؟
- أين ستُقدم الفكرة؟
- ما وسيلة تقديم الفكرة؟
- هل ستستخدم وسطاء وموزعين للفكرة؟ لماذا؟ ومن هم؟
- ما مواصفات وسطائك؟
* من حيث التبني.
* من حيث القدرة والمهارة.
* من حيث المصداقية.
- هل لديك خطة لتحريكهم في نشر الفكرة؟
أهداف الترويج للفكرة:
- تبقى الأفكار كـ(منتج) هي وأسعارها وتوزيعها سرًّا لا يعرفه إلا صاحبها، ولا يُحسُّ بقيمته إلا هو، ما لم يروِّج لهذه الأفكار، فالترويج هو بمنزلة الاتصال الفاعل بين صاحب الفكرة ومتلقيها.
ويحقق لنا الترويج عدد من الأهداف الرئيسة المهمة منها:
1- معرفة متلقي الفكرة لها ابتداءً، ففكرتي تبقى حبيسة في نفسي إلا عندما يعرفها الناس، وكم من فكرة رائعة ماتت لأن الناس لم يعرفونها! ولو كانوا عرفوها -ولو مجرد معرفة يسيرة- لتبناها كثير منهم.
2- إثارة اهتمام المتلقي بالفكرة مع بيان آثارها ومنافعها.
3- خلق تفضيل للفكرة على غيرها لدى المتلقي.
4- التأثير على المتلقي بتبني الفكرة على أقل تقدير، والأفضل والأكمل والأحسن أن يتبنى الفكرة ويتبنى تسويقها.
وسنتطرق للمزيج التسويقي بشكل مفصل في موضعه.
عناصر الترويج
1 - الإعلان:
هل يمكن الإعلان عن الأفكار؟
يمكن ذلك، وإن كان استخدامه قليلاً؛ إذ إن الأفكار لا تحمل الطبيعة التجارية المباشرة، وإن حملت هذه الطبيعة؛ فهي تظهر في صورة سلعة أو خدمة.
2 - الاتصال الشخصي:
من الممكن الترويج للفكرة عن طريق الاتصال الشخصي بين صاحبها والمتلقي، أو بين أحد الوسطاء والمتلقي، ويبقى الاتصال الشخصي من أنجح الطرق في ترويج الأفكار في فترة بداية ظهور الفكرة، أو عندما تكون الشريحة المستهدفة بالفكرة نخبة قليلة، أو عند التخاطب مع قادة الرأي والفكر، إذ يمكن استخدام أكثر من وسيلة للإقناع، كما يمكن معرفة ردود الفعل التي تحدث من خلال الاتصال المباشر، وهناك مناهج وطرق كثيرة نافعة وجميلة تستخدم كفن ووسيلة من وسائل الإقناع من أجل التأثير على المتلقي.
3 - تنشيط وتحريك الفكرة:
ويتم عن طريق برامج عامة تنشط نقل الفكرة، ومن الأمثلة في ذلك: الندوات، واللقاءات، والحفلات، والمؤتمرات، والمحاضرات، والمسابقات، والدورات، وكذلك الأسابيع أو الأيام المخصصة، وخلق المناسبات التي تناسب أن يجتمع الناس من أجل تداول الفكرة، وتنشيط قناعتهم بها وبنقلها، ويُعدُّ بدأ استخدام تنشيط الفكرة مرحلة جديدة تدخل فيها الفكرة إذا خرجت من صاحبها ومنتجها إلى من حوله بالاتصال الشخصي، ثم خرجت للجماهير وللمختصين ببرامج التنشيط هذه.
4 - النشر:
وهو يشبه إلى حدٍ كبير الإعلان، إلا أن الإعلان يظهر أنه مدفوع القيمة وموجه للترويج لشيء، بينما النشر غير مدفوع القيمة، أو مدفوع بشكل خفي، مما يظهر أنه غير متحيز، مما يعطي مصداقية أكبر للنشر عن الإعلان.
وهذا الفارق البسيط يجعل النشر أنسب من الإعلان للأفكار وعالمها؛ فالمقابلات، أو الأخبار، أو القصص التي تدور وتتكلم وتتحدث عن فكرة معينة، وتُنشر في صحيفة، أو مجلة، أو من خلال الراديو، أو التلفزيون، تَنتشر بصورة سريعة وعجيبة كانتشار النار في الهشيم بين الناس.
5 - العلاقات العامة:
للأسف الشديد.. فإن أغلب الناس لا يستطيعون أن يفصلوا أو يفرقوا بين الفكرة وقائلها، وبين الفكرة وشخوصها، مما يعني: أن رواج الفكرة سيرتبط بشكلٍ أو بآخر بعلاقات الشخص أو الجهة بالناس بصفة عامة، وكلما شعر الناس باستغنائك عنهم حاولوا أن يستغنوا عنك، وهذا شيء طبيعي جدًّا، وأيضًا كلما أشعرتهم بأهميتهم وحاجتك لهم في أن يتبنوا أفكارك بتواضعٍ وبطريقة جميلة ولينة وسلسة استجابوا لك وفعلوا ذلك، فعلاقة مسوِّق الفكرة بالناس والمجتمع بمؤسساته تحدد إلى أي مدى ستتجه أفكاره وتروج، فالشخص أو الجهة الممدودة جسورها إلى الناس وإلى جميع المؤسسات في المجتمع أقدر وأبرع في الترويج عن أفكارها من الجهات أو الأشخاص المنغلقين على أنفسهم، والمتحيزين إلى أفكارهم، وهنا حكمة أو قاعدة جميلة تقول: «من أراد أن ينشر أفكاره؛ فليُحسِّن من علاقاته مع الجهة أو الناس الذين يريد أن ينشر أفكاره لديهم»، وهذا معناه: أن ينفق الإنسان الوقت والمال والجهد من أجل تحسين علاقاته بالناس والمجتمع بجميع مؤسساته.
6 - التسويق المباشر:
من خلال الاتصال المباشر مع المتلقي عن طريق قاعدة بيانات متكاملة، سواءً تم ذلك عن طريق رسائل فاكس، أو بريد إلكتروني، أو عبر ما يُسمَّى بالماسنجر، أو رسائل الجوال، أو بطاقات المعايدة، أو الكتابة المباشرة..، أو غير ذلك، مما يجعل الناس مربوطين بالفكرة لا يبتعدون عنها، ويشعرون بها وبحاجتهم لها.
العوامل المؤثرة في قرارات المزيج الترويجي:
يؤثر في الاختيار عدة عوامل:
- الميزانية المالية المتاحة: فبعض العناصر كالإعلان أو التنشيط أشد تكلفة بكثير من مجرد النشر أو البيع والاتصال الشخصي.
- الوقت المتاح لتسويق الفكرة: فبعض العناصر سريعة في توصيل الفكرة؛ كالنشر، والتنشيط، والتسويق المباشر، وبعضها بطيء في توصيل الفكرة؛ كالعلاقات، والاتصال الشخصي.
- طبيعة الفكرة: فبعض الأفكار لها صفة الخصوصية والنخبوية، مما يجعل تسويقها عن طريق البيع الشخصي أجدى وأنفع من تسويقها بالنشر العام، وما شابه ذلك.
- مرحلة الفكرة: تستخدم عند التقديم ما لا تستخدم عند الانتشار أو الانحدار، فيجب التحديد في أي مرحلة تمر الفكرة؛ حتى تحدد العناصر الأجدى لهذه المرحلة.
- طبيعة السوق المستهدفة: من حيث الانتشار والتوسع أو التركيز، ومن حيث نوع المتلقيين، وكذلك عدد العملاء.
- المؤثرات البيئية المختلفة: سواءً كانت في البيئة الكلية؛ مثل: البيئة القانونية، أو الاجتماعية، أو الاقتصادية، أو التقنية، أو ... إلخ، أو في البيئة الجزئية؛ مثل: التنافس الفكري، والوسطاء، والمتلقيين، وسيأتي مزيد إيضاح في ذلك فيما بعد بمشيئة الله تعالى.
المقدار والتكلفة المادية والمعنوية
|
لماذا ؟ ( السبب )
|
ماذا ستفعل ؟ ( كن محددًا )
|
العنصر
|
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
الإعلان
|
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
الاتصال الشخصي
|
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
تنشيط الفكرة
|
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
النشر
|
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
العلاقات
|
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
- ................... - ................... - ................... |
التسويق المباشر
|
تطبيق عملي لتسويق الأفكار على الترويج:
- ما الفكرة التي نتجت من تطبيق أفكار (المنتج)؟
- صُغها بصياغة تدل على تكلفتها (السعر)..؟
- أين ستقدم الفكرة؟ وما الوسيلة التي ستتبعها؟ ومن الوسطاء؟
- ماذا ستستخدم من عناصر المزيج الترويجي؟
- كيف؟ ولماذا؟ وما المقدار من كل واحدة؟ وما تكلفة استخدامه؟
إن التلازم بين الفكرة ومقدمها تجعل هناك أهمية خاصة للعنصر الإنساني في تسويق الأفكار، وهو لا يتضمن فقط صاحب الفكرة، بل يتعداه إلى المتلقي وإلى الوسطاء، ودور الناس في حركة الأفكار يعتبر دورًا أصيلاً لا ينفك عنهم، فلا تنفك الأفكار عن الناس بحال من الأحوال، فلا معنى للأفكار بدون أناس يقدمونها وأناس ينفذونها ويقومون عليها.
وهذا يؤكد لنا أهمية بناء صاحب الفكرة لنفسه وسمعته، وأهمية اختيار الوسطاء بشكل جيد، وأهمية معرفة المتلقيين ودراستهم بشكلٍ جيد، وهذا بدوره يؤكد لنا أهمية الاختيار الجيد للعاملين في تسويق الأفكار وتدريبهم وتأهيلهم، كما يؤكد على أهمية التسويق الداخلي للفكرة عند متبنيها والعاملين في تسويقها، وسنتحدث عن هذا الموضوع بإيجاز من خلال النقاط التالية:
أهمية التسويق الداخلي:
إن اقتناع المسوق للأفكار له تأثير بالغ وعميق في قدراته التسويقية للأفكار، سواءً كان المسوق فردًا، أو كانت مؤسسة، أو هيئة، أو ما شابه ذلك، وهنا سنركِّز على مقدار هذه القناعة لدى المؤسسات، ونُشير إليها لدى الأفراد؛ إذ إن التسويق الداخلي يعني: العناية بحاجات السوق الداخلي من عاملين وموظفين بنفس قدر الاهتمام بالعملاء الخارجيين، إن لم يكن أكثر، ولذلك عدة فوائد، منها:
- أن المتلقيين يتأثرون بمقدار حماس المقدم للفكرة أكثر مما قاله عن الفكرة.
- تصرفات المقدم للفكرة تؤثر تأثيرًا بالغًا في قبول المتلقي للفكرة، هذه التصرفات تتشكل بمقدار قناعته الداخلية للفكرة.
- الاهتمام بالمتلقيين يتأكد بمقدار حماس وتحفيز وتشجيع العاملين لأفكارهم.
- تطوير الفكرة وبرامج تسويقها يتحدد بمقدار تبني مقدمي الفكرة لها.
ويهدف التسويق الداخلي لتحقيق عدة أهداف في مستويات مختلفة:
الهدف العام: جعل العاملين أكثر تفهمًا وتحفزًا ونشاطًا وهمةً واهتمامًا بالعملاء.
الهدف الاستراتيجي: صناعة البيئة الداخلية للمنظمة التي تدعم الشعور باحتياجات المتلقيين، واحتياجات المنظمة للوصول للأفكار التي يتبناها هو.
الهدف التكتيكي: يجب أن يفهم العاملون لماذا يتوقع منهم أن يتصرفوا بطريقة معينة، وما الأفكار المساندة التي يمكن استخدامها لدعم الفكرة الأصيلة.
مجالات وآليات للتسويق الداخلي:
يبث التسويق الداخلي للمؤسسة التي تسوق الأفكار عدة مجالات رئيسة يعمل فيها:
- تشكيل الدوافع والحوافز لبث الأفكار وتسويقها.
- التنسيق بين الجهود في مختلف الأقسام والأفراد من أجل التكامل في تسويق الفكرة.
- بث المعلومات لجميع الأفراد من أجل أن تكون متاحة للجميع.
- تعليم الفرد وتربيته وبناء عقله وتثقيفه بشكل جيد حتى يثمر ويبدع وينجز.
وعادة ما يتم ذلك عبر عدة خطوات أو مراحل:
- تحديد السوق الداخلي.
- جمع المعلومات عن السوق الداخلي.
- تقسيم السوق الداخلي لفئات وتحديد احتياجات كل فئة.
- وضع خطة تسويقية جيدة تتضمن المزيج التسويقي كاملًا.
- استمرار التدريب في كل المراحل السابقة، ثم التدريب على تسويق الأفكار من خلال العمل.
جمهور الفكرة – إدارة جمهور الفكرة:
الجمهور الذي تُقدم له الفكرة ليس هجينًا واحدًا، ولكنه خليط من ثقافات متنوعة، ومن تطلعات وآمال مختلفة، ومن موافقين ومعارضين للفكرة، ومن مؤيدين ومستهترين، وعند الحديث عن الجمهور الذي تقدم له الفكرة، هناك قضايا كثيرة يمكن أن تُذكر إلا أننا سنفصل الحديث في كثير منها عند الحديث عن سوق الأفكار وتقسيماته، وعند الحديث عن الجانب النفسي لتسويق الأفكار، إلا أني هنا أحب أن أؤكد وأبين أن تسويق الأفكار من أكثر المجالات التي يتأثر المسوق فيها بالجمهور عامة، وبالجمهور المتعاطف خاصة، وكثيرًا ما تجد شيخًا يقوده طلابه، وأبًا يقوده أبناؤه، وإن بدا وتظاهر بأنه دكتاتور لا يمكن أن يفعل إلا ما يمليه عليه رأيه، وأنه لا يمكن أن يأخذ برأي طلابه أو أبنائه، وهنا وضع يحتاج إلى تأمل؛ إذ قد يجمع القائد -خاصة في مجال الأفكار- بين التسلط، وكون من تحته يقودونه، أو بين كونها قيادة شوروية، وبين كونه قائدًا حقيقة، إذ المعول عليه ليس مجرد مشاورة من يسوِّق عليهم أفكاره ومن يقودهم، وإنما في الحالة النفسية التي تسمح للقائد أن لا يتنازل عن القيادة، كما لا يتنازل عن الشورى، فهو يشاور ولا يتنازل عن المبادئ، ولديه سعة واستقلال في النظر، وتبقى المبادئ منارات للناس في طريقهم، ويبقى الوحي هو الذي ينير هذا الطريق.
التوقعات المتبادلة:
من القضايا المهمة عند الحديث عن الناس في المزيج التسويقي للأفكار الحديث عن أن نظرات الناس لبعضهم البعض وتوقعاتهم من بعضهم من بعض تشكل أساسًا راسخًا للعلاقة بينهما في قبول الأفكار وتداولها، أو رفضها وانتقادها، وكلما ارتفعت توقعات جمهور الفكرة من صاحبها كلما أخذ ما يقوله كمسلمات، أو تكون ردة فعل عكسية بالاستخفاف بصاحب الفكرة، والعكس -أيضًا- فكلما خفت التوقعات كلما قبل الأفكار الصغيرة، وكثر الانتقاد لها، وعدم المبالاة بها.
تطبيق عملي لتسويق الأفكار على الناس:
- ما الفكرة التي نتجت من تطبيق أفكار (المنتج)؟
- صُغ الفكرة بصياغة تدل على تكلفتها (السعر)؟
- أين وكيف ستقدم الفكرة؟ وما الوسيلة التي ستتبعها؟ ومن الوسطاء؟
- ماذا ستستخدم من عناصر المزيج الترويجي؟
- مَن من الناس الذين يعملون معك في تسويق الفكرة؟
- هل تعرف مميزاتك وعيوبك، ومميزات من يعمل معك وعيوبهم التي تؤثر في تسويق الفكرة؟
- ما هي العمليات التي تؤدى من بداية الفكرة حتى وصولها للمتلقي النهائي؟
- هل تخدم العمليات المتلقيين بشكل جيد وكاف؟ وهل تتم العمليات بسلاسة وسهولة؟
- هل تخدم العمليات رسالتك ورؤيتك للفكرة وأبعادها؟
- ما هي البرامج التي تقدمها للتسويق الداخلي من أجل هذه القضايا؟
- ماذا ستفعل من برامج تسويق داخلية من أجل ما يلي:
- التحفيز والتشجيع؟
- المعلومات التي يجب أن يعرفوها؟
- التعليم الذي يحتاجونه؟
- التنسيق بين جهودهم؟
- هل تعرف الجمهور المستهدف ومواصفاته بالتحديد، والتوقعات التي يحملوها عنك وعن من معك وعن أفكارك؟ وما عناصر قوته، والفرص الموجودة فيه، وعناصر ضعفه، والمخاطر التي تخاف منه؟
(والآن أصبحت فكرتك منتجًا ذا قيمة محددة يُمكن توزيعها وترويجها باستخدام أمثل للناس بشكل جيّد من أجل أن تسوق أفكارك ببراعة).
طريقة تقديم الفكرة (العمليات):
حتى تسوِّق الفكرة بالشكل المرضي؛ فإنها تمر بأدوار وتسلسلات وعلاقات حتى تصل للمتلقي.
واعلم أنه كلما كانت هذه العمليات سلسة ومريحة وانسيابية وسريعة كلما كان المتلقي أكثر ارتياحًا وقناعة ورضًى بالفكرة، كما أنه كلما كانت هناك عاطفة صادقة وإخلاص في النية وخدمة شخصية في عمليات تسويق الفكرة كلما كان المتلقي أكثر رضًى وقابلية للاقتناع بها، وتمر الفكرة بعمليات كثيرة قبل أن يتلقاها المتلقي، وقد يكون أغلب هذه العمليات لا يعرفها المتلقي، ولكنه تؤثر بشكل مباشر في الطريقة التي قدمت بها الفكرة له، فعمليات التسويق نوعان:
- عمليات يشعر المتلقي بها أو يراها، كـ (عمليات التقديم المباشرة).
- عمليات لا يشعر المتلقي بها مباشرة، كـ (كثير من العمليات التي تتم قبل ذلك في الإعداد والتخطيط، وما شابه ذلك).
وقد لا يشعر المتلقي بالنوع الثاني من العمليات إلا أنها تؤثر تأثيرًا بالغًا في رضاه عن العمليات التي يشعر بها، ويرى كثير من المسوقين والمتلقيين أن العمليات التي يشعر بها المتلقي هي عمليات تسويق، بينما الأخرى عمليات التشغيل، وقد يحصل بينهما نوع من التضاد والتعارض في عدة مجالات، وقد تكون هذه المجالات حتى داخل الشخص الواحد:
فريق عمليات الإعداد (التشغيل)
|
فريق عمليات التسويق المباشرة
|
المجال
|
نحتاج إلى تسويق جيد
|
نحتاج إلى تنفيذ جيد
|
طلبات
|
نحتاج إلى تثبت وتأني في البرامج والأنشطة بدون عجلة أو تهور
|
نحتاج إلى استجابة سريعة لطلبات المتلقيين
|
التغير والسرعة
|
لماذا هذه الشروط التعجيزية؟
|
نحتاج إلى جودة في تقديم البرامج
|
الجودة
|
المهم ماذا نريد نحن أن نقدم ...؟
|
المتلقي يريد ويحب ويرغب في ...؟
|
الشعور بالمتلقي
|
ليس لها داعي!، سوقوا ما لدينا!!
|
نريد أفكار جديدة
|
المشاريع الجديدة
|
ويبقى مثل هذا الصراع داخل الشخص أو داخل المنظمة بحاجة إلى نوع من التآخي والتنسيق الجيد، وإشاعة نفسية الربح للجميع، وتصميم للعمليات بما يرضي الطرفين، وقيادة فاعلة قوية واضحة المبادئ والرسالة.
وعمومًا لن يحسم هذا الصراع حسمًا نهائيًّا إلا بالرجوع الصادق إلى المبادئ التي من أجلها قام التسويق، وبالرجوع إلى الرسالة التي يريد أن يقدِّمها، والاستضاءة بتقوى الله، وبنور من الوحي.
نظرًا لأن الأفكار تبقى حقائق غير ملموسة، ومعناها ما تعطيه النفوس لها من معنى، لذا فإن كثيرًا من الناس لا يدرك ولا يستوعب الأفكار بشكل جيد؛ إذ كثير منهم لا يؤثر فيه ولا تحركه إلا الأمور الملموسة والمحسوسة، ولذا يجب أن يُركَّز في جانب تسويق الأفكار على إبراز الجوانب المادية التي لها أثرها في الفكرة، وهناك نوعان للدليل المادي أو البيئة المادية في التسويق، هما:
النوع الأول: الدليل الشكلي:
وهو ما يُمتلك فعليًّا عند تلقي الفكرة أو بعده، مثل : ورقة عضوية، أو دليل، أو ورقة موافقة... وما شابه ذلك.
النوع الثاني: الدليل الأساسي:
وهو ما لا يمتلكه المتلقي، ولكنه ذو تأثير كبير عليه، مثل شكل صاحب الفكرة وحركاته ونظراته وإشاراته ونبرة صوته وفصاحته عندما يُقدِّم الفكرة، والتعريف الذي قدَّمه عن نفسه... وما شابه ذلك.
ويتم إعطاء الدليل المادي للفكرة بــ:
1- جعل الفكرة أكثر ملموسية: فتتحول الفكرة غير الملموسة إلى تقرير، أو كوبون، أو سند، أو خطاب، أو غير ذلك مما يمكن لمسه، وهذا الشيء يتوافق مع طبيعة بعض الناس الحسية ورغبتهم في لمس كل شيء.
2- تسهيل عملية إدراك الخدمة ذهنيًّا، ويتم ذلك بطرق، منها:
- إقران الفكرة بشيء ملموس في الواقع مما يسهل إدراكها.
- تقديم نماذج واقعية ملموسة لشخصيات نفذوا الفكرة أو قبلوها.
3- التركيز على استفادة المتلقي ومحاولة تلبية حاجاته: وهذا يعني لنا: أن نعي أهمية فهم دوافعه وتطلعاته وآراءه ورغباته، وحتى يحقق الدليل المادي، أو البيئة المادية تلك يجب أن يُهتم بتصميمها بطريقة مدروسة تخلق لنا جوًّا مريحًا تدفع المتلقي، وتشكل صورة مدرَكة لديه بشكل إيجابي وسليم، وتدفعه كذلك لاتخاذ قرار التبني للفكرة.
وهذا يؤكد أهمية دراسة سلوك المتلقي وإدراكه الحسي وثقافته واتجاهاته النفسية وغير ذلك، وتبقى الأشياء الملموسة أو الأقرب للإدراك، هي القضايا التي تبقى لدى المتلقي، ويتناقلها الناس، ويشعرون ويحسون بها، كما أنها هي الأمور التي تستدعي الفكرة وتحركها في النفس البشرية.
1- اعرف فكرتك جيدًا، وتأمل فيها، واعرف أبعادها.
2- حدد فكرتك جيدًا، ولا تتركها عائمة، وركز عليها جيدًا.
3- سق منافع الفكرة، ولا تسق الفكرة فقط.
4- وضِّح منافع الفكرة في أكثر من مجال وبُعد، وأضف لكل بُعد منافع أخرى.
5- ضع هالة تبرز المنافع بالتركيز على أحدها، والحديث بلغة رمزية.
6- وضِّح أبعاد هذه المنافع في مختلف مناحي الحياة.
(والآن أصبحت فكرتك منتجًا ذا قيمةٍ محدَّدة، يمكن توزيعها وترويجها بشكلٍ جيد من أجل أن تسوق أفكارك ببراعة).