أدرك الفكر السياسي اليهودي في وقت مبكر جدًّا الأهمية الكبرى للإعلام في السيطرة على العقول وتوجيهها؛ فلم يكن أبدًا من قبيل المصادفة أن يكون أول ثلاث وكالات للأنباء أُنشئت في العالم مؤسسوها من اليهود في بريطانيا وألمانيا وفرنسا.
كذلك فإن سيطرة اللوبي اليهودي على وسائل الإعلام وصناعة السينما في الغرب -وفي الولايات المتحدة تحديدًا- لم تكن -أيضًا- من قبيل المصادفة، بل جاءت نتيجة تخطيط جاد، نابع عن إدراك لأهمية الإعلام وخطورة الدور الذي يمكن أن يلعبه في ترويج أفكارهم والتسويق لها بين مختلف شعوب العالم، ومن ثم التمهيد بكل طرق الخداع والتضليل لقبولها والاقتناع بها، وفي سبيل ذلك سعى اليهود إلى امتلاك العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى حول العالم، وكان من بينها: مركز صناعة السينما في هوليود، إلى جانب إنشاء العديد من الصحف والمجلات والفضائيات لخدمة أهدافهم ومخططاتهم الخبيثة، والتسويق لها.
ولعل ما ورد في البروتوكول الثالث عشر من بروتوكولات حكماء صهيون يفسر اهتمام اللوبي اليهودي بإحكام السيطرة على الآلة الإعلامية، وننقله هنا بنصه نظرًا لدلالاته الهامة:
«علينا أن نلهي الجماهير بشتى الوسائل، وحينها يفقد الشعب تدريجيًّا نعمة التفكير المستقل بنفسه، سيهتف جميعًا معنا لسبب واحد هو أننا سنكون أعضاء المجتمع الوحيدين الذين يكونون أهلاً لتقديم خطوط تفكير جديدة».
إضافة إلى ذلك: فإن أغلب الدراسات الحديثة تشير إلى أن من يسيطر على الإعلام الآن إنما يسيطر على الوسيط الأكثر قوة في العصر الحديث، وقد أدرك اليهود أهمية ذلك مبكرًا؛ حسبما أوردنا من نص البروتوكول، وبالتالي: ركزوا جهودهم الاقتصادية والسياسية في إحكام السيطرة على هذه الآلة الفاعلة والمؤثرة، ونجحوا في ذلك إلى حد كبير، من خلال تملك العديد من وسائل الإعلام في الغرب، من سينما، وصحافة، وشبكات إذاعية وتلفزيونية.. وغيرها من الوسائل التي تكوِّن في مجموعها ترسانة إعلامية واسعة الانتشار تغطي العالم كله تقريبًا، تروج لمخططات اليهود، وتسوق لأفكارهم ومعتقداتهم.
ولعل هناك حادث جدير بالتأمل، جرى في يوم 5 أبريل من العام 1996، حيث إنه وخلال إذاعة إحدى حلقات برنامج (التوك شو) الشهير (لاري كينج شو) الذي يقدمه الإعلامي الأمريكي (لاري كينج)، وعلى الهواء مباشرة أعلن الممثل الأمريكي الشهير (مارلون براندو) على الملأ حقيقة صادمة، حيث قال: (اليهود يحكمون هوليود، بل إنهم يملكونها فعلاً!)، وانقلبت أمريكا كلها على (مارلون براندو)، واتهموه بالعنصرية ومعاداة السامية، حتى استسلم في النهاية لهذا الهجوم، وأعلن أنه لم يقصد ما قاله، ولكن العاصفة التي أثارها تصريحه لم تنته؛ فلقد جلبت على أثرها تساؤلات كثيرة عن حجم هذه السيطرة، ومدى النفوذ التي وصل إليه اللوبي اليهودي.
وكما ذكرنا؛ فإن اليهود انتبهوا في وقت مبكر جدًّا لخطورة الوسيلة الإعلامية، حيث شهد عام 1776م الولادة الحقيقية للمخطط اليهودي للسيطرة على وسائل الإعلام العالمية، ففي ذلك العام، وكما يذكر الأميرال الأمريكي (غاي كار) في كتابه: «أحجار على رقعة الشطرنج»: اعتنق الألماني (آدم وايزهاويت) الذي كان أستاذًا للاهوت والقانون الدولي في جامعة (نغولد شتات) الألمانية الديانة اليهودية، وأسس جمعية سرية كان جميع أعضائها من اليهود، وأطلق عليها اسم (جمعية النورانيين)، وكان الهدف الرابع من أهداف الجمعية ينص على ما يلي:
«على النورانيين الوصول إلى السيطرة على الصحافة للتحكم بالأخبار قبل وصولها إلى الناس».
وبعد حوالي مائة عام، وبالتحديد في عام 1869م، أعاد حاخام براغ الحاخام (راشورون) التأكيد على أهمية تنفيذ المخطط اليهودي للسيطرة على وسائل الإعلام العالمية خلال خطاب ألقاه في كنيس براغ قال فيه:
«إذا كان الذهب هو قوتنا الأولى للسيطرة على العالم، فإن الصحافة ينبغي أن تكون قوتنا الثانية».
وفي هذا مزيد من التوضيح للصورة القائمة؛ حيث إن الإعلام يأتي في المرتبة الثانية مباشرة بعد القوة الاقتصادية.
على مدى قرون طويلة، كانت صورة اليهودي في أعين الرأي العام الغربي، والأمريكي بشكل خاص، هي الصورة القبيحة للإنسان البخيل، الخبيث، الماكر، المرابي، الجشع، الأناني، الجبان، المنعزل عن الناس، سفاك الدماء، قاتل الأنبياء، ولعلنا نتذكر في ذاكرة الأدب الغربي الشخصية (الشكسبيرية) الشهيرة (شيلوك) التي جسدت صفات قبح اليهودي، وكراهية المجتمع له في تلك القرون البعيدة، الأمر الذي استدعى اليهود إلى التفكير في طرق تغيير تلك الصورة، وإعادة تهيئة العالم لاستقبال صورة أجمل، لكنه جمال زائف، كي يتمكنوا من تحقيق أهدافهم في السيطرة والتوسع.
وهكذا سعى اليهود إلى بذل الكثير من الجهود للقيام بعملية غسل دماغ للرأي العام العالمي؛ لطمس صورة اليهودي البشعة في ذهنه وعينه، لتحل محلها صورة اليهودي الذكي، الطموح، الشجاع، العبقري، المثابر، العالم، المخترع، الإنساني، إ