طبيعة المشروع


- ما المشروع؟:
يختلف تعريف المشروع حسب السياق الذي يأتي فيه، ونحن هنا نعني تحول الفكرة من المجال النظري الخيالي إلى واقع ملموس، سواءً كان هذا المشروع مشروعًا يقدم خدمة أو منتجًا أو نتيجة معينة، وسواءً كان هذا المشروع تجاريا أم خيريا، المهم أن الفكرة تحولت من عالم الفكر إلى عالم الواقع، فلم تعد فكرة تسبح في عالم الفكر، بل أصبحت كيانًا في عالم المشاريع كشركة، أو مركز، أو كتاب، أو فيلم، أو دراسة، أو خطة، أو مدرسة، أو موقع إلكتروني، أو... إلخ.
- أنواع المشاريع:
أولاً: من حيث المنتج:
تنقسم المشاريع من حيث منتجها النهائي ومخرجاته إلى نوعين:
1- سلع:
ويدخل في ذلك كثير من المصانع والمحلات التي تبيع للناس منتجات وسلع محسوسة، وهذا من أوضح المشاريع في الإدارة وفي التسويق، لوضوح الفكرة ووضوح المنتج.
2- خدمات:
ويدخل في ذلك كثير من المشاريع الخدمية التي تبيع أو تقدم خدمات لا سلع، ككثير من المؤسسات الخيرية، وكثير من المدن الترفيهية، وشركات النظافة، أو شركات الاستشارات وغير ذلك من الشركات الخدمية الكثيرة، ويقع على عاتق الشركات الخدمية إبراز الجانب غير الملموس في الخدمة وتحويله إلى جانب ملموس يعيه غالبية الناس، ولذا يوجد اختلافات في تسويق الخدمات عن تسويق السلع، وذلك يرجع لكون الخدمات غير ملموسة، ويستلمها مشتريها، وتنفد بمجرد تقديمها له.
 ثانياً: من حيث الملكية:
تتنوع ملكية المشاريع التي يمكن أن يساهم أو يشارك فيها الشخص، ومن المهم الإشارة إلى أن الملكية لا تعني أن الشخص ليس صاحب المشروع، فقد أكون صاحب مشروع وأقيمه بملكية الحكومة لأسباب تساعد على نجاحه وهكذا...
1- حكومية
تمتلك الحكومات ملكية كثير من المشاريع العامة في أي بلد، وتمتاز ملكية الحكومات بتأثرها الكبير بنظام وقدرات وإمكانيات هذه الدول، وللأسف غالبًا ما تكون هذه المشروعات فيها خلل إداري كبير، بل أحيانًا فساد إداري كبير، لكنها أنسب مالك للمشاريع التي يريد صاحبها أن تصرف عليها وتحميها الدولة، ويريدها أن تتغلغل في المجتمع بسهولة ويسر وبقوة النظام.
2- تجارية
المشاريع التجارية، وهي غالبية المشاريع التي يقيمها الناس ويحرصون عليها، وهي أنواع كثيرة، فمنها المشروع الفردي، ومنها الشركات محدودة الأفراد، ومنها المساهمات، وغير ذلك، ويمتاز مثل هذا النوع من المشاريع بإمكانية وضعه وتشكيله حسب رغبة صاحب المشروع، كما تمتاز -إذا صيغت بطريقة جيدة - بسهولة الحركة واتخاذ القرار ويسر التغيير عن المشاريع الحكومية، فهي تمتاز بالحرية، والقدرة على الإيقاع السريع، كما أنها ربما حققت لصاحبها مكاسب مادية إضافية.
3- خيرية
وهي الركن الثالث لأي مشاريع في أي مجتمع، وعادة ما يعد زيادتها دلالة واضحة على رقي البلد وتقدمه، وتمتاز المشاريع الخيرية بوجود قدر كبير من الاحتساب فيها وفي العاملين فيها، كما تمتاز بوجود كثير من مميزات المشاريع الحكومية وكثير من مميزات المشاريع التجارية، وهي من أفضل الملكيات للمشاريع التي تستهدف نفع الناس العام، أو تقديم خدمات لهم، إلا أن مما يعاب على هذا النوع من المشاريع - في كثير من الأحيان - غلبة الفردية وقلة الرقابة؛ مما يؤدي لهدر كبير في الوقت والجهد والمال.
 ثالثاً: من حيث دائرة التأثير:
هناك مشاريع يبقى أثرها، أو يحس بوجودها، أو يشارك فيها عدد محدود من الناس، بل ربما لا تتجاوز صاحب الفكرة نفسه، وهناك أفكار تتسع دائرة أثرها، أو المشاركة فيها، أو التفاعل معها لتصل إلى كل مكان في العالم، ربما في زمن صاحبها، وربما حتى بعد وفاته، ويمكن توضيح مميزات كل نوع بما يلي:
1- دائرة صغيرة:
وهذا النوع من المشاريع، دائرة تأثيره والمشاركة فيه صغيرة، بل ربما تصغر حتى يكون تأثير المشروع على الشخص نفسه فقط!، ككل مشاريع تطوير الشخص لنفسه، مثل أن يكون لدى شخص مشروع لقراءة كتاب أو لقيام ليلة مصليًا لله.
وليس في ذلك انتقاص للفكرة، بل ربما دل على قوة تأثير الفكرة في الدائرة الصغيرة!، خاصة إذا كانت للشخص نفسه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "احرص على ما ينفعك" (رواه مسلم)، أو كما قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "فلا يكونن شيء أهم إليك من نفسك" (ابن القيم، أحكام أهل الذمة).
 وتبقى مصيبة هذا النوع من المشاريع إذا كانت دائرتها صغيرة، وكان أثرها صغيرًا في هذه الدائرة الصغيرة، وهنا من المهم التنبيه أنه كلما صغرت دائرة تأثير مشروع، يجب أن يزيد أثر هذا المشروع في داخل الدائرة وتزيد قيمته، وإلا وصل المشروع لدرجة أنه مضيعة للجهد والوقت والمال.
2- دائرة واسعة:
وكلما اتسعت دائرة تأثير مشروع كان هذا أضخم للمشروع من حيث الأصل، فالكم قضية مهمة جدًّا، بل ربما توسع المشروع حتى يكون تأثيره يشمل الأمة أو المجتمع كله، بل ربما اتسعت حتى تشمل أزمنة مختلفة أيضًا.
ما سبق ليس بالضرورة مدح للمشروع؛ لأن ذلك الأثر الكبير ليس بالضرورة أن يكون إيجابيًّا بناءً، بل في كثير من المشاريع يكون التوسع على حساب الجودة أو المبادئ أو الفكر!.
فكلما اتسع مشروع، يجب التأكد من تناغم المشروع مع الفكرة الأولية ومع المبادئ الرئيسة التي قام عليها المشروع، حتى لا تحيد أو تميل عنها.
وعمومًا محصلة قيمة المشروع عادة ما تقاس ليس باتساع المشروع أو ضيقه فقط، بل تقاس بمحصلة عدة معايير منها:
1- سعة تأثير المشروع.                        2- قوة التأثير ونوعه.
3- زمن وبقاء التأثير. .                         4- تكلفة قيام المشروع من جميع الجوانب.
فمشروع دخله 500.000 كل سنة لمدة 5 سنوات أفضل من مشروع دخله 1000.000 لمدة سنة، ومشروع دعوي يؤثر في 10.000.00 تأثيرا بدرجة 10 لمدة خمس سنوات أفضل من مشروع يؤثر في 10 بدرجة 1000 لمدة سنة، وإن كانت الأمور ليست بهذه البساطة في الحساب، إلا أننا سقنا المثالين من أجل تقريب الفكرة فحسب.

 

27958


كلمات دليلية: