هناك أسباب عديدة تكمن وراء السعي إلى تحويل الأفكار إلى مشاريع، فلا أفكار دون تطبيق عملي، ولا عمل دون أفكار، وأهم هذه الأسباب والدوافع ما يلي:
أولا: نفع أنفسنا:
كل الناس الأسوياء الأصحاء يحبون الخير لأنفسهم؛ ولذا فهم يحرصون على نفع أنفسهم، سواء كان ذلك بتوفير احتياجاتها المادية من الطعام والشراب والكساء، أو بتوفير احتياجاتها النفسية من الراحة والطمأنينة والسعادة، أو بتوفير احتياجاتها الروحية من التعبد والخشوع والخضوع لله تبارك وتعالى.
وحرص الإنسان على نفسه ونفعها من أكبر دوافع تحويل الأفكار إلى مشاريع، بل هو المحرك الأكبر لكل حركة في النفس أو الحياة.
ومن أبرز ما يدفع الناس لنفع أنفسهم بتحويل الأفكار إلى مشاريع:
1- النفع الأخروي: الذي يكون صاحبه مخلصًا لله، لا يريد من الناس جزاءً ولا شكورًا، قال تعالى: }إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لاَ نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلاَ شُكُورًا{ (الإنسان: 9)، وهو من أكبر دوافع مشاريع التغيير في المجتمعات لدى أولياء الله.
2- النفع الدنيوي: بكل أنواعه وأشكاله، سواءً كان مالاً أم وجاهة أم راحة أم غير ذلك، وهذا لا يتناقض مع النفع الأخروي - ولله الحمد والفضل - إلا إذا افتقد الاحتساب وابتغاء ما عند الله،
وصرف النية عن الإخلاص لله، وإلا فالله تعالى يقول: }لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ { (البقرة: 198) في أفضل البقاع، وفي أفضل الأعمال والعبادات، وهي الحج.
فكل البشر يحبون أنفسهم ويحبون لها الخير، }وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيد{ (العاديات: 8)؛ لذا فهم يحرصون على نفع أنفسهم، و تلبية حاجاتهم، سواء كانت هذه الحاجات مادية أو معنوية؛ ولذا لا يلزم أن يكون مجرد ربح مادي أو أخروي، بل قد يكون ليكسب احترامه أمام نفسه أو ليشعر بالثقة في إمكانياته، أو ليرضي ضميره، أو غير ذلك.. ولا شك أن أعلاها إرضاء ربه والسمو عن جاه الدنيا، إلا أن تطلعات النفس لا تنتهي ويجب إشباعها، وتحويل الأفكار إلى مشاريع من أكثر ما يشبع نفوس القادة.
ثانيًا: نفع الأمة والمجتمع:
إحدى المنافع التي من أجلها يسعى بعض الناس لتحويل أفكارهم إلى مشاريع هي نفع أمتهم ومجتمعهم، وهذا عادة لا يصدر إلا من أولئك الراقين في تفكيرهم وتطلعاتهم؛ ولذا أوجب الله تعالى ذلك على كل مسلم، قال سبحانه وتعالى: }إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ{، (الحجرات: 10).
وقال صلى الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" (متفق عليه)، وأمرنا الله بالتعاون في كل ما فيه خير لنا، فقال جل ذكره: }وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ{(المائدة:2)، وغالبًا ما يتحرك الكرام من أجل هذا النفع بتجرد عالٍ يجعلهم أقدر على النجاح في تحويل أفكارهم إلى مشاريع.